
نيويورك (يونا/وفا) – عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، اليوم الأحد، لمناقشة قرار إسرائيل إعادة احتلال قطاع غزة وتوسيع العدوان على الشعب الفلسطيني.
وشهدت الجلسة إدانات دولية واسعة لقرار إعادة احتلال قطاع غزة، وتحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة قد تشمل مزيدا من القتل والتهجير والمجاعة.
وأكدت الأمم المتحدة أن خطة إسرائيل إعادة احتلال غزة تهدد بفتح فصل جديد مروع في الصراع، وتعد انتهاكا صريحا للقانون الدولي الإنساني، فيما شددت العديد من الدول على رفضها لأي تهجير قسري أو محاولات ضم الأراضي الفلسطينية، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.
واعتبرت دولة فلسطين أن ما يجري هو إبادة جماعية تهدف إلى محو الوجود الفلسطيني بالكامل، وطالبت بتدخل دولي عاجل، وفرض عقوبات على إسرائيل، وإرسال قوة حماية دولية لوقف الحرب وإنقاذ الشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، حذر مساعد الأمين العام لأوروبا وآسيا الوسطى والأمريكيتين ميروسلاف ينتشا، في كلمته أمام المجلس، من أنه إذا تم تنفيذ هذه الخطط، فمن المرجح أن تؤدي إلى كارثة أخرى في غزة، وأن تتردد أصداؤها في جميع أنحاء المنطقة، وتتسبب في مزيد من التهجير القسري والقتل والدمار، مما يزيد من معاناة السكان التي لا تطاق.
وأضاف: “للجميع الحق في الحياة والحرية والأمن. ويجب أن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم”.
وأكد موقف الأمم المتحدة الواضح أن السبيل الوحيد لوقف المعاناة الإنسانية الهائلة في غزة هي من خلال وقف كامل وفوري ودائم لإطلاق النار، داعيا إلى إطلاق سراح جميع الرهائن فورا ودون شروط.
ودعا المسؤول الأممي إسرائيل إلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع إلى السكان بسرعة وأمان ودون عوائق. كما شدد على ضرورة حماية المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني، والذين يسعون للحصول على المساعدة.
وجدد التأكيد على أنه ما من حل عسكري للنزاع المسلح في غزة أو للصراع، وقال “لن يكون هناك حل مستدام دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وتحقيق حل الدولتين القابل للتطبيق. وغزة هي، ويجب أن تظل، جزءا لا يتجزأ من دولة فلسطينية”.
بدوره، قال رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف ومدير شعبة التنسيق راميش راجاسينغهام، إن المعاناة على مدى الـ 22 شهرا الماضية “لم تكن أقل من كونها مؤلمة للروح، وتفرض علينا إنسانيتنا المشتركة إنهاء هذه الكارثة على الفور”.
وأبدى قلقا بالغا إزاء النزاع المطول والحصيلة البشرية الإضافية التي يُحتمل أن تتكشف فصولها في أعقاب قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع العمليات العسكرية في غزة.
وقال: إن هذا القرار يمثل تصعيدا خطيرا في نزاع تسبب بالفعل في معاناة لا يمكن تصورها، وأنه على مدى أكثر من 670 يوما، عانى الفلسطينيون في غزة من القتل والإصابات اليومية، حيث قُتل أكثر من 61,000 شخص، من بينهم أكثر من 18,000 طفل، وأصيب 151,000 آخرون.
وكرر قلق الأمين العام للأمم المتحدة البالغ بشأن تداعيات توسيع العمليات العسكرية في غزة على الضفة الغربية، حيث تستمر العمليات العسكرية وعنف المستوطنين وعمليات هدم المنازل بمعدلات مقلقة.
وذكّر المسؤول الأممي بقرار محكمة العدل الدولية الذي اتخذته العام الماضي والذي دعا إسرائيل إلى ضرورة إنهاء وجودها غير القانوني وسياساتها وممارساتها في أسرع وقت ممكن، وحذر من أن التطورات في الضفة الغربية تفاقم الوضع الإنساني القائم.
وأضاف: “على الدول – وكل من لديه أي نفوذ – أن تنظر في ضميرنا الجماعي المجروح وتستجمع الشجاعة لفعل ما هو ضروري لإنهاء هذه اللاإنسانية والألم. هذا ما يتطلبه القانون الدولي أيضا. يجب حماية المدنيين، وتلبية احتياجاتهم الأساسية. يجب إطلاق سراح الرهائن دون قيد أو شرط. ويجب إطلاق سراح الفلسطينيين المحتجزين تعسفيا”.
ودعا راجاسينغهام إسرائيل إلى الموافقة على عمليات الإغاثة الإنسانية، وتسهيلها، سواء داخل قطاع غزة أو إليه، للوصول إلى السكان المحتاجين.
وذكّر أن التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية في قضية تطبيق اتـفاقية منع الإبادة الجماعية في غزة لا تزال سارية، بما في ذلك المطالبة بأن تتخذ إسرائيل تدابير فورية وفعالة لتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها.
وتابع المسؤول الأممي: “يجب احترام الحياة والكرامة للجميع، والقانون الدولي الإنساني هو بوصلة السلوك في الحروب، ومصمم لضمان حد أدنى من الإنسانية، ويجب على الأطراف وجميع الدول أن تفي بالتزامها به، ويجب أن تتوقف المعاناة”.
أكدت نائب المندوبة البريطانية بمجلس الأمن، أن التصعيد الإسرائيلي الحالي في غزة سيدفع بنحو مليون شخص إلى النزوح، داعية إسرائيل إلى رفع القيود عن المساعدات لغزة.
وشددت على أنه لا يجوز لإسرائيل منع المنظمات الإنسانية من العمل بغزة عبر إجراءات تعسفية.
وقالت نائب المندوبة البريطانية في مجلس الأمن: إن قرار إسرائيل خاطئ، وعليها إعادة النظر فورا في توسيع عملياتها بغزة.
قال نائب المندوب الفرنسي: “نذكر بمعارضتنا الشديدة لأي خطة لاحتلال قطاع غزة وضمه واستيطانه أو تهجير سكانه قسريا”.
وأدان بأشد العبارات خطة إسرائيل لتوسيع عملياتها للسيطرة على مدينة غزة.
وقال نائب مندوب فرنسا في مجلس الأمن، إن على إسرائيل فتح جميع معابر غزة بشكل عاجل للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية.
وأكد أنه من الضروري أن تمتثل إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
وأدان مندوب الجزائر بأشد العبارات قرار الحكومة الإسرائيلية نقل جميع سكان مدينة غزة وفرض سيطرة عسكرية على القطاع، وكأنّه لا يعيش بالفعل تحت الاحتلال ولا يتعرض لحصار غير إنساني.
وأضاف أنه بعد 22 شهراً من النزوح والمجاعة والتطهير العرقي، فإن العملية التي تخطط لها إسرائيل ستقضي تماماً على ما تبقى من غزة.
وأشار إلى أن الأهداف واضحة تماماً: “طرد شعب كامل من موطنه، وجعل الفلسطينيين رجالاً ونساءً بلا دولة، بلا علم، وبلا مستقبل على أرضهم”.
وتابع “إسرائيل تنسى أن أشجار الزيتون لا تستسلم أمام الفأس، فهي تنبت من جديد من جذورها، الفلسطينيون لن يتخلوا عن أرضهم ولن يتنازلوا عن حقوقهم، حتى وإن نزفت غزة، فإنها ستنهض يوماً ما”.
وقال إن هذا المجلس، الموكل بحفظ السلم والأمن الدوليين، يلتزم الصمت، لكن هذا الصمت ليس حيادياً، بل قاتل، وأنه حان الوقت لأن يرفع مجلس الأمن صوته دفاعاً عن الطفل الذي يمضغ قطعة خبز بائسة، والأم التي تبحث عن ابنها تحت الركام، والأب الذي قُتل وهو يحاول العثور على المساعدة لأسرته.
وأضاف أن على المجلس أن يرفع صوته لكسر الصمت وكسر حلقة الإفلات من العقاب، وأنه قد حان الوقت لفرض العقوبات على عدو الإنسانية.
وأعرب مندوب سلوفينيا عن قلقه إزاء مصير المليون شخص الذين يعيشون في مدينة غزة، بمجرد أن تبدأ إسرائيل تنفيذ خطتها للسيطرة عليها.
وقال “إننا نعلم أن المدنيين سيواجهون خسائر جماعية جديدة، وسيُجبرون مجدداً على النزوح، يُطردون من مكان إلى آخر، نحو مخيمات صغيرة جداً، وربما إلى ما وراء ذلك.
(انتهى)



