فلسطين

المؤتمر الدوليّ لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حلّ الدولتين يواصل أعماله في نيويورك

نيويورك (يونا/وفا) – يواصل المؤتمر الدوليّ رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حلّ الدولتين أعماله في مدينة نيويورك، لليوم الثاني على التوالي برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية وفرنسا.
وكانت أعمال المؤتمر الدولي قد انطلقت مساء أمس بجلسة افتتاحية، تبعتها الجلسة العامة للمؤتمر في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن هذا المؤتمر يحمل وعدا وتعهدا للشعب الفلسطيني بأن الظلم التاريخي الذي لحق بهم يجب أن ينتهي وأن ما يحدث في غزة هو “أحدث وأوحش تجلياته، ونحن جميعا مدعوون أكثر من أي وقت مضى للتحرك”.
وأضاف، أن هذا المؤتمر هو رسالة للشعب الفلسطيني بأن العالم “يدعمنا في تحقيق حقوقنا في الحياة والحرية والكرامة وأرضنا، وحقنا في دولتنا ذات السيادة”، وأيضا رسالة للإسرائيليين مفادها أن هناك طريقا للسلام والتكامل الإقليمي.
وتابع مصطفى: “سيتحقق ذلك من خلال استقلالنا لا دمارنا، ومن خلال تحقيق حقوقنا لا استمرار إنكارها، وأن الفلسطينيين ليس محكوما عليهم بالاحتلال والنفي الأبدي، وأن الفلسطينيين والإسرائيليين ليس محكوما عليهم بحرب أبدية، وأن هناك طريقا آخر – طريقا أفضل يؤدي إلى سلام مشترك وأمن مشترك وازدهار مشترك في منطقتنا، ليس لأحد على حساب الآخر، بل للجميع”.
وأعرب رئيس الوزراء عن امتنان دولة فلسطين العميق للمملكة العربية السعودية وفرنسا لقيادتهما، ولتحملهما المسؤولية التي أوكلتها إليهما الجمعية العامة بالرئاسة المشتركة لهذا المؤتمر الدولي التاريخي، كما أعرب عن تقديره العميق لرئيسي مجموعات العمل على تفانيهما، ولجميع الدول والمنظمات على مساهماتها، كما قدم الشكر للأمين العام للأمم المتحدة، ومن خلاله، لجميع هيئات الأمم المتحدة على جهودها الدؤوبة للوفاء بولايتها، بما في ذلك موظفي الأمم المتحدة على الأرض الذين يُخاطرون بحياتهم في أداء عملهم.
وأكد مصطفى أن على بقية العالم أيضًا التزامات ومسؤوليات في ضمان تحقيق تقرير المصير والسلام العادل والدائم، مرحبا بالنهج الذي اتخذه هذا المؤتمر لتحديد المطلوب من جميع الأطراف، وتعزيز اتخاذ إجراءات ملموسة وحاسمة، بآليات واضحة، والتزامات محددة زمنيًا.
وشدد رئيس الوزراء على أن جميع الدول تتحمل مسؤولية التحرك الآن لإنهاء الحرب في غزة وفي جميع أنحاء فلسطين، ولضمان إطلاق سراح جميع الرهائن والأسرى، ولضمان انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا في هذا الصدد الى دعم جهود الوساطة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة، والجهود التي تتخذها جميع الدول لتحقيق هذه الأهداف، مؤكدا على أنه يجب وضع حد فوري للمجازر والتجويع الذي تقوم بها إسرائيل.
وقال مصطفى: “علينا جميعاً أن نعمل على إعادة توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، دون احتلال، ولا حصار، ولا مستعمرات، ولا تهجير قسري ولا ضم، وإعادة بناء غزة، وإنهاء الاحتلال، وتحقيق الاستقلال الفلسطيني، وتنفيذ حل الدولتين، حيث تعيش فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب، في سلام وأمن، نحو تحقيق السلام والأمن والازدهار الإقليمي”.
وأضاف رئيس الوزراء: “يتطلب هذا دعم الحكومة الفلسطينية في تولي مسؤولياتها في قطاع غزة وفي جميع أنحاء فلسطين، ويجب على حماس إنهاء سيطرتها على غزة وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، ونحن على أهبة الاستعداد لدعوة قوات إقليمية ودولية للانتشار، بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين، كجزء من مهمة تحقيق الاستقرار والحماية، بتفويض من مجلس الأمن، لتوفير الحماية لشعبنا، وضمان التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار، وضمان أمن جميع الأطراف، دعماً لدور حكومتنا وقواتنا الأمنية، وليس بديلاً عنها، يجب أن يشمل وقف إطلاق النار جميع أنحاء فلسطين، وأن يرافقه وقف جميع الإجراءات غير القانونية”.
ودعا مصطفى الجميع إلى اتخاذ كل ما يمكن لإنهاء الحرب، وإنهاء الاحتلال والصراع، وتحقيق السلام والأمن والازدهار المشترك، دون تأخير أو تردد.
وحيّا رئيس الوزراء القرار التاريخي والشجاع الذي اتخذته فرنسا والرئيس ماكرون بالاعتراف بدولة فلسطين في أيلول/ سبتمبر المقبل، داعيا جميع الذين لم يفعلوا ذلك بعد إلى الاعتراف بدولة فلسطين دون تأخير، قائلا: يبدأ طريق السلام بالاعتراف بدولة فلسطين وحمايتها من الدمار، وبتمكين قوى السلام في فلسطين وإسرائيل والمنطقة والعالم في جهودها لتطبيق حل الدولتين وتحقيق سلام عادل ودائم، سلام يُنقذ ويخدم الفلسطينيين والجميع في المنطقة، حيث لا بديل عملي عن التسوية السلمية لقضية فلسطين على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وحل الدولتين على حدود عام 1967 لتحقيق السلام، ولا حل للدولتين بدون دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”.
وقال: “كل دولة مُمثلة هنا قادرة، بل يجب عليها، على اتخاذ إجراءات لتعزيز الامتثال وردع الانتهاكات، لتعزيز الالتزام لا اللامبالاة، ولتعزيز المساءلة لا الإفلات من العقاب، لتحقيق سلام عادل ودائم، لا لتأجيج احتلال دائم وصراع”.
وشدد رئيس الوزراء على أن الحكومة الفلسطينية عازمة على مواصلة تنفيذ إصلاحات جوهرية في ظل ظروف صعبة، لخدمة شعبنا بشكل أفضل، وتعزيز التعاون مع شركائنا الإقليميين والدوليين، والاستعداد لتحمل جميع مسؤولياتنا في غزة وسائر أنحاء فلسطين، مطالبا المجتمع الدولي بالمساعدة في وضع حد للسياسات الإسرائيلية التي تُشكل على المستويات السياسية والمالية والعسكرية، تهديدًا وجوديًا لشعبنا ودولتنا ومؤسساتها وللسلام.
وقال مصطفى: “إن فكرة أن السلام والأمن يمكن تحقيقهما من خلال تدمير شعبنا أو إخضاعه هي وهم قاتل، فالسبيل الوحيد للمضي قدمًا هو السلام والأمن المشترك”.
واختتم رئيس الوزراء: “شعبنا لن يزول لكنه يفقد أرواحًا وأحباءً كل يوم، وهناك محاولات لاقتلاعه من جذوره يوميًا، يعاني شعبنا منذ فترة طويلة ولا يمكن مطالبته بالصمود أكثر فيجب وضع حد لمعاناته، لشعبنا حق غير قابل للتصرف في العيش بحرية وكرامة على أرض أجداده”، مؤكدا أن المنطقة مستعدة للمضي قدمًا الآن، ولكن ليس على حساب فلسطين والشعب الفلسطيني، فيجب احترام حقوق جميع الشعوب، وضمان سيادة جميع الدول، لم يعد بإمكان فلسطين وشعبها أن يكونوا استثناءً.
وقال وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، إن المؤتمر يشكّل محطة مفصلية نحو تفعيل حل الدولتين وإنهاء الاحتلال وتجسيد رؤية عادلة ومستدامة للسلام في الشرق الأوسط.
وأشاد بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، وقال إن ذلك خطوة تاريخية تعكس تنامي الدعم الدولي لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ويسهم في تهيئة الأجواء الدولية لتحقيق حل الدولتين.
وأكد، أن السعودية تؤمن بأن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة يبدأ بإنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد على أن الدولة الفلسطينية المستقلة هي مفتاح السلام الحقيقي في المنطقة.
وأكد أهمية تضافر الجهود الدولية من خلال هذا المؤتمر لدعم الشعب الفلسطيني في بناء مؤسساته ودعم التسوية السلمية.
وتحدث عن الدعم الفوري والمتواصل المقدم من المملكة العربية السعودية منذ بدء الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة والتصعيد الخطير في الضفة الغربية، مشددا على ضرورة الوقف الفوري للكارثة الإنسانية الناجمة عن الحرب والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة، ومحاسبة المسؤولين عنها وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
وأضاف أن مبادرة السلام العربية المعتمدة في قمة بيروت عام 2002 هي أساس جامع لأي حل عادل وشامل، وأكد أهمية دعم التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين كإطار عملي لمتابعة مخرجات هذا المؤتمر وتنسيق الجهود الدولية نحو خطوات واضحة محددة زمنيا لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية.
ودعا وزير الخارجية السعودي جميع الدول إلى الانضمام إلى الوثيقة الختامية للمؤتمر التي قال إنها تشكل خارطة طريق مشتركة نحو تنفيذ حل الدولتين ومواجهة محاولات تقويضه وحماية فرص السلام الذي لا يزال ممكنا إذا توفرت الإرادة.
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إنه سيتم في هذه الجلسة تجميع نتائج اجتماعات الموائد المستديرة لتوحيد الرؤى وتسليط الضوء على ما هو متحقق في المسارات كافة، والتركيز على ما سيُتخذ في المرحلة المقبلة.
وقال بارو: “بعد 80 عاما من تأسيس الأمم المتحدة لا يمكننا قبول استهداف المدنيين، النساء والأطفال، عندما يتوجهون إلى مواقع توزيع المساعدات. هذا أمر غير مقبول”.
وأضاف: “إن المشاركة الواسعة في المؤتمر تؤكد الإجماع والحشد من المجتمع الدولي حول نداء وقف الحرب في غزة”. وشدد على ضرورة أن يكون المؤتمر نقطة تحول لتطبيق حل الدولتين.
وتابع: “يجب أن نعمل على مسار سبل الانطلاق من إنهاء الحرب في غزة إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، في وقت تعرّض فيه هذه الحرب أمن واستقرار المنطقة بأسرها للخطر”.
وقال إن تحقيق ذلك يتطلب تنفيذ حل الدولتين الذي يلبي التطلعات المشروعة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين للعيش في سلام وأمن، مؤكدا عدم وجود بديل لذلك.
وأضاف أن مؤتمر نيويورك قد بدأ زخما غير مسبوق لا يمكن وقفه نحو حل سياسي في الشرق الأوسط، مشيرا إلى الجهود الدبلوماسية المتعلقة بالاعتراف بدولة فلسطين.
وفي وجه استمرار الحرب والمأساة الإنسانية في غزة، قال وزير خارجية فرنسا: “عبر هذا المؤتمر نطلق نداء جماعيا للعمل. هذه الحرب استمرت لأكثر مما ينبغي ويجب أن تتوقف. يجب أن تصمت الأسلحة وتتيح المجال لوقف فوري ودائم لإطلاق النار”.
وشدد على ضرورة الإفراج فورا وبدون شروط وبكرامة عن جميع الرهائن، ووقف معاناة المدنيين في غزة.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين هو المسار الوحيد الموثوق به لتحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو “الشرط الأساسي” للسلام في الشرق الأوسط الأوسع.
لكن الأمين العام حذّر من أننا “وصلنا إلى نقطة الانهيار” وأن هذا الحل “أبعد من أي وقت مضى”.
وشكر غوتيريش السعودية وفرنسا على تنظيمهما للمؤتمر، مشددا على أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني- الذي استمر لأجيال وتحدى الآمال والدبلوماسية والقانون الدولي- لا يزال يحصد الأرواح ويدمر المستقبل ويزعزع استقرار المنطقة والعالم.
وأكد أن استمرار هذا الصراع ليس حتميا، وأن حله ممكن إذا توفرت إرادة سياسية وقيادة شجاعة.
الأمين العام دعا إلى بذل مزيد من الجهود لتحقيق حل الدولتين، معتبرا مؤتمر اليوم “فرصة نادرة ولا غنى عنها” يجب أن تكون “نقطة تحول حاسمة” تحفز تقدما لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال، وتحقيق طموحنا المشترك في حل دولتين تتوفر له مقومات البقاء.
وأضاف: “يجب أن نضمن ألا يصبح (المؤتمر) مجرد تمرين آخر في الخطاب حسن النية”.
وأكد أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين هو الإطار الوحيد المتجذر في القانون الدولي، والذي يدعمه المجتمع الدولي، وينص على قيام دولتين مستقلتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، ضمن حدود آمنة ومعترف بها على أساس خطوط ما قبل عام 1967، مع القدس عاصمة للدولتين، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة.
وأكد الأمين العام أن شيئا لا يمكن أن يبرر “تدمير غزة الذي يتكشف أمام أعين العالم”.
وسلط الضوء على الأوضاع المأساوية، بما في ذلك “تجويع السكان، ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتفتيت الأرض الفلسطينية المحتلة”.
وشدد الأمين العام على أن “التدمير الشامل” لغزة لا يُحتمل ويجب أن يتوقف، وأن “الإجراءات الأحادية التي من شأنها أن تقوض حل الدولتين إلى الأبد غير مقبولة ويجب أن تتوقف”.
كما أشار إلى غوتيريش إلى دعم الكنيست لضم الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا بوضوح أن “الضم الزاحف للضفة الغربية المحتلة غير قانوني ويجب أن يتوقف”.

(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى