
فلسطين (يونا/ وفا) – واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة الذي بدأه منذ السابع من تشرين الأول/ اكتوبر 2023، في ظل قصف جوي ومدفعي كثيف استهدف المناطق السكنية والمرافق المدنية، ما أدى إلى ارتقاء مئات الجرحى والمصابين خلال الفترة التي يغطيها التقرير (من 11-18 نيسان الجاري)، غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما واصل عدوانه عل الضفة الغربية بما فيها القدس، تخلله قتل مواطنين بالرصاص واعتقال آخرين واقتحامات واعتداءات للمستعمرين خلال الفترة ذاتها.
ومن أبرز الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في غزة خلال هذه الفترة، استشهاد 10 مواطنين من عائلة الفرا بعد استهداف منزلهم الواقع في محيط منطقة المحطة بمدينة خان يونس، في مجزرة جديدة تضاف إلى سلسلة المجازر اليومية بحق المدنيين، كما استشهد خمسة مواطنين آخرين جراء استهدافات متفرقة شملت مدينة رفح، وبيت لاهيا، ودير البلح، وجباليا، وحي الزيتون في مدينة غزة.
ولم يتوقف قصف الاحتلال الإسرائيلي عند استهداف المنازل، بل طال كذلك مخيمات النازحين، ومدارس تابعة لوكالة “الأونروا”، ومراكز طبية، كان آخرها قصف مستشفى الأهلي العربي “المعمداني” في مدينة غزة، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل كامل.
وفي تصعيد جديد، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، وزّعت قوات الاحتلال أوامر إخلاء فورية لسكان الأحياء الشرقية من مدينة غزة، تحديدًا في مناطق الزيتون، والشجاعية، والتفاح، مطالبة المدنيين بالنزوح غربًا نحو مناطق لا تتوافر فيها أدنى مقومات الحياة.
وفي ظل هذا التصعيد المتواصل، أعلنت مصادر طبية في قطاع غزة أن حصيلة الشهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي ارتفعت إلى 51,065 شهيدًا، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 116,505، من بينهم آلاف الأطفال والنساء، في حصيلة غير نهائية إذ لا يزال عدد من الشهداء تحت أنقاض المنازل والمنشآت المدمرة، وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والطواقم المختصة الوصول إليهم، بسبب قلة الإمكانيات.
وفي الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، صعّدت قوات الاحتلال من انتهاكاتها بحق المسجد الأقصى المبارك والمقدسيين خلال ما يُعرف بـ”عيد الفصح اليهودي”، حيث اقتحم أكثر من 1,220 مستعمرًا باحات المسجد خلال يوم واحد فقط، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال. وتخلل الاقتحامات التي يقوم بها المستعمرون بشكل يومي، تأدية طقوس تلمودية وهتافات استفزازية، في إطار ما يُعتبر محاولات مستمرة لفرض التقسيم الزماني والمكاني داخل المسجد.
إلى جانب الاقتحامات، صعّدت سلطات الاحتلال من سياسة الإبعادات بحق شخصيات دينية وإعلامية، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، إذ سلّمت خطيب المسجد الأقصى، الشيخ محمد سليم، قرارًا بالإبعاد لمدة أسبوع، وذلك بعد دعائه لغزة خلال خطبة الجمعة، كما اعتقلت قوات الاحتلال الصحفية المقدسية نادين جعفر أثناء تغطيتها للأحداث في باب الغوانمة، علمًا أنها كانت قد تعرضت للضرب سابقًا على يد عناصر شرطة الاحتلال في باب العامود.
ويُفرض على المقدسيين والوافدين من الضفة الغربية حصار يومي يمنع الآلاف من الوصول إلى المسجد الأقصى، إذ تشترط سلطات الاحتلال الحصول على تصاريح خاصة لا تُمنح إلا لأعداد محدودة، ما يشكل تقييدًا ممنهجًا لحرية العبادة، وانتهاكًا للحق الديني في واحدة من أقدس بقاع الأرض.
وواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحامها للمدن والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، مع تركيز خاص على مناطق شمال ووسط الضفة. ففي محافظة نابلس، قتلت قوات الاحتلال طفلا وشابا في بلدة أوصرين جنوب نابلس.
واقتحمت قوات الاحتلال قرى وبلدات عدة في المحافظة، منها برقة وبيتا ومادما، واعتقلت ثلاثة شبان بعد مداهمة منازلهم، وتخلل الاقتحام مواجهات في البلدة القديمة وبيت فوريك وعنبتا.
أما في محافظة جنين، فتواصل العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها لليوم الـ89 على التوالي وسط تدمير ممنهج للبنية التحتية وللمنازل وتهجير قسري للسكان واقتحات واعتقالات، في استنزاف يومي لسكان المنطقة.
وشهدت المدينة، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، عدوانا عسكريا واسعا تم خلاله إحراق منزل كانت قد حولته قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى ثكنة عسكرية لأكثر من عشرة أيام، كما اقتحمت قوات الاحتلال مستشفى جنين الحكومي واعتقلت فتى من داخله، في سابقة خطيرة تمثل انتهاكًا واضحًا للمواثيق الإنسانية.
وخلال العدوان ذاته، احتُجز طاقم تلفزيون فلسطين ومنع من التغطية، في استهداف متعمد للعمل الإعلامي.
كذلك، قتلت قوات الاحتلال شابين بعد محاصرتهما بين قرية مسلية وبلدة قباطية، جنوب جنين.
وفي طولكرم، واصلت قوات الاحتلال عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها لليوم الـ83 على التوالي، ولليوم الـ70 على مخيم نور شمس، في ظل تصعيد ميداني مستمر، شمل مداهمات واعتقالات وتنكيل بالمواطنين.
وفي الخليل، شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات طالت ثلاثة مواطنين، بينهم محامٍ، ترافقت مع عمليات دهم وتفتيش في بلدة يطا، وتخريب لمحتويات المنازل.
كما أغلقت سلطات الاحتلال الحرم الإبراهيمي الشريف أمام المصليين، بذريعة الأعياد اليهودية، في إطار سياسة متواصلة لتقييد حرية العبادة في المدينة.
وفي الوقت نفسه، كثّف المستعمرون اعتداءاتهم على السكان في بلدات مثل مسافر يطا، أم صفا، كيسان، وشملت الاعتداءات رشق المركبات بالحجارة، وتحطيم النوافذ، وتخريب الممتلكات الزراعية.
وشهدت محافظات الضفة الغربية تصعيدًا غير مسبوق في اعتداءات المستعمرين، حيث شنوا سلسلة من الهجمات المنظمة ضد المدنيين الفلسطينيين، شملت حرق مركبات ومنازل في بلدات متعددة، منها سلفيت، قلقيلية، ونابلس، ومهاجمة المزارعين في أراضيهم، وسرقة مواشي وتخريب غرف زراعية، والاعتداء بالضرب على رعاة الأغنام، إضافة لإصابة عدد من المواطنين بجروح متفاوتة، بينهم أطفال ونساء، في هجمات عنيفة استهدفت منازلهم وأملاكهم.
كما اقتحم المستعمرون عدة مواقع دينية وأثرية في أنحاء متفرقة من الضفة، من بينها مقام يوسف شرق نابلس، وجبل العرمة في بيتا، وبرك سليمان جنوب بيت لحم، إضافة إلى قصر هيرودس الأثري، ورافق هذه الاقتحامات أداء طقوس تلمودية، بحماية من قوات الاحتلال.
في موازاة ذلك، شرعت مجموعات المستعمرين بشق طرق استيطانية جديدة، أبرزها في مناطق ترمسعيا، دير بلوط، وأم صفا، ما يهدد بفصل التجمعات السكانية الفلسطينية عن بعضها البعض، ويكرّس واقع الضم التدريجي للضفة الغربية.
وأشارت تقارير حقوقية إلى أن عدد الحواجز العسكرية والحواجز الحديدية (البوابات) المنتشرة في أرجاء الضفة الغربية وصل إلى 898 حاجزًا، منها 146 حاجزا حديديا (بوابة) جرى إقامتها منذ بدء العدوان على غزة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، في مؤشر على تشديد الاحتلال من إجراءات العزل والتضييق على الشعب الفلسطيني.
(انتهى)