نيويورك (يونا/وفا) – أُعلن اليوم الجمعة، في اجتماع وزاري بشأن القضية الفلسطينية وجهود السلام، عقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79، بمدينة نيويورك الأميركية، إطلاق تحالف دولي، من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين.
ونظم الاجتماع الوزاري (حول الوضع في غزة وتنفيذ حل الدولتين كمسار للسلام العادل)، مجموعة الاتصال الوزارية لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي، بالإضافة للنرويج، على هامش اجتماعات الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عن هذا التحالف الدولي، “إننا اليوم باسم الدول العربية والإسلامية وشركائنا الأوروبيين نعلن إطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين”، وندعوكم للانضمام إلى هذه المبادرة.
وشدّد ابن فرحان على أن الحرب على غزة تسببت في حدوث كارثة إنسانية، إلى جانب الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها قوة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وتهديد المسجد الأقصى الشريف، تكريسًا لسياسة الاحتلال والتطرف العنيف.
وأكد أن “قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حقٌ أصيل وأساس للسلام، وليس نتيجة نهائية يتم التفاوض عليها ضمن عملية سياسية بعيدة المنال”.
وأردف: “إنّ تنفيذ حلّ الدولتين هو الحل الأمثل لكسر حلقة الصراع والمعاناة، وإنفاذ واقع جديد تنعم فيه كافة المنطقة، بها فيها إسرائيل، بالأمن والتعايش”.
بدوره، شدد رئيس الوزراء، وزير الخارجية الفلسطينية محمد مصطفى على ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي لوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة، والتَطهير العِرقي في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وكذلك العدوان على لبنان، مؤكدًا أن تحقيق السلام والأمن في المنطقة لن يكون دون كَفّ يَد إسرائيل وعدوانها وإنهاء الاحتلال.
وقال مصطفى: “يجب على الجميع العمل من أجل وقف العدوان وحرب الإبادة ورفع الحصار المرعب عن قطاع غزة، بالإضافة الى الاعتراف بدولة فلسطين ودعم عضويتها في الأمم المتحدة، وتنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك القرار الذي اتخذته الجمعية العامة عقب الرأي الاستشاري، والذي يشمل التزاماتٍ ملموسة وآلياتٍ جماعية، وتقديم الدعم السياسي والمالي والاقتصادي لتنفيذ الخطة الوطنية للحكومة “بناء فلسطين”، وخاصة دعم وإغاثة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة”.
وأضاف: “نريد إنهاء معاناة الشعب وإطلاق العنان لإمكاناته الحقيقية”، مشيرا إلى أن المؤتمر الدولي الذي سيُعقد خلال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة ينبغي أن يمثل تتويجًا لجهودنا بهذا الصدد.
وشدد رئيس الوزراء أن حقوقنا كأمة، وحقوقنا كبشر بما في ذلك حقنا في تقرير المصير والعودة والحياة والحرية والكرامة، لابُدَّ وأن تُحتَرَم.
من جانبه، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمهد الطريق لتفاوض متكافئ، مشيرا إن المنطقة ستظل تعاني من انعدام الاستقرار وغياب الأمن، إذا لم يتم التحرك فوراً وبعزم حقيقي لتغيير الواقع الذي أوصلنا إلى الوضع المأساوي والخطير الذي نعيشه اليوم.
وأكد أبو الغيط ضرورة العمل بشكل فعال وعملي لتنفيذ حلّ الدولتين، من خلال إضعاف الاحتلال، والامتناع عن مساعدته بفرض عقوبات على الاستعمار، ورموزه، ومقاطعة منتجاته، وفي الوقت نفسه دعم المساعي الفلسطينية لإقامة الدولة.
كما شدد على وجوب العمل على زيادة وتيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك تمهيداً للتفاوض البنّاء بين دولتين قائمتين، بالإضافة إلى التأكيد على أن السبيل الوحيد لتوسيع رقعة السلام والاعتراف والعلاقات الطبيعية وصون اتفاقيات السلام القائمة، هو بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
بدوره، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن العالم كله تقريبا يدعو إلى حل الدولتين.
وأضاف: لا أحد يقول: “هذا ليس الوقت المناسب لحل الدولتين”. متى كان “الوقت المناسب”؟ كم عدد الأشخاص الذين يجب أن يموتوا قبل أن يكون “الوقت المناسب”؟
وتابع: العالم كله تقريبًا يدعو إلى حل الدولتين. الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن وأكثر من 135 دولة تعترف بفلسطين، ومحكمة العدل الدولية؛ كلهم يدعون إلى حل الدولتين. ومع ذلك، هذا لا يحدث”.
وأكد بوريل أن “هذا الأمر يضر بالفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة والقانون الدولي ومستقبلنا العالمي”.
وتساءل: “إذا لم يكن حل الدولتين هو الحل، فما هو الحل إذن؟ وما هو الحل البديل؟ لذلك، نقترح اليوم أن يتعاون كل أولئك الذين يريدون التقدم في حل الدولتين في تحالف عالمي للمساعدة في تنفيذه”؟
وأشار إلى أنه من وجهة نظر الاتحاد الأوروبي، يجب أن يكون هذا التحالف العالمي بمثابة مظلة يمكن لجميع [الشركاء] أن يضعوا تحتها كل ما يريدون القيام به من أجل المساهمة، وتحفيز، ومساعدة، وتشجيع، ودفع، وتصور، وتوضيح، والعمل نحو تنفيذ حل الدولتين.
وأوضح بأنه “على الرغم من أننا جميعًا نتفق على أنه لا يوجد حل آخر ممكن، إلا أننا لا نتفق على كيفية ومتى يتم تنفيذ هذا الحل الوحيد. حتى في الاتحاد الأوروبي لدينا وجهات نظر مختلفة. ولكنني أعتقد أننا جميعاً، سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو خارجه، لابد وأن نساهم في تحقيق هذا الهدف”.
وقال بوريل: “الأمر متروك للإسرائيليين والفلسطينيين للتفاوض على السلام فيما بينهم، لكنهم لن يفعلوا ذلك بمفردهم. إنهم بحاجة إلينا جميعًا لمساعدتهم على الوصول إلى هذا الهدف، وذلك من خلال تمهيد الطريق للجسر الذي يحتاجون إلى بنائه، ومن خلال توحيد جهودنا كتحالف عالمي عملي يتطلع إلى المستقبل. يجب أن يكون هذا هو التسليم اليوم، إنشاء تحالف عالمي لتنفيذ الدولة الفلسطينية”.
وشكر بوريل، وزير خارجية السعودية على عرضه استضافة أول اجتماعات المتابعة العملية على مستوى العمل في الرياض، حيث يجب أن نحدد العناصر الأساسية لما يمكننا جميعًا القيام به نحو هذا التنفيذ، ومواجهة ومعارضة أولئك الذين لا يريدون ذلك.
وأضاف: “إنني أعرض عقد اجتماع ثان في بروكسل في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، للتركيز على أحد البنود التي سيتم تحديدها في مناقشات اليوم”.
وتابع: إنني أرحب بالتزام شركائي اليوم باستضافة اجتماعات متابعة أخرى، سواء في عمان أو أنقرة أو القاهرة أو أوسلو أو في أي مكان آخر، وآمل أن تحدد هذه الاجتماعات، في مواضيع محددة، العناصر الملموسة لمساهمتنا في تنفيذ حل الدولتين ـ حسناً، الدولة الفلسطينية، لأن الدولة الأخرى (إسرائيل) قد تم تنفيذها بالفعل”.
وختم كلمته: “إن المسؤولية النهائية تقع على عاتق الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكننا نحن أصدقاؤهم وأصدقاؤهم المحتملون نتحمل مسؤوليتنا أيضاً. إننا نتحمل مسؤولية تجاه الآلاف من الأطفال الأبرياء الذين قتلوا لأن البعض قالوا: (حسناً، ليس الوقت مناسباً للبدء في التفكير في هذا الحل). نعم، إنه الوقت المناسب. وإلا فإن العديد من الأطفال الآخرين سوف يموتون قبل فوات الأوان”.
(انتهى)