
جدة (يونا) – جدد السفير هادي شلبي، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى منظمة التعاون الإسلامي، التأكيد على حجم المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني جرّاء العدوان الإسرائيلي المستمر، مشيرًا إلى حرمانه من أبسط مقومات الحياة والكرامة الإنسانية.
جاء ذلك خلال كلمته في الاجتماع الطارئ للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي على مستوى المندوبين الدائمين، الذي خُصص لبحث التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما الاعتداءات المتكررة على الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وقال شلبي إن هذا الاجتماع ينعقد في ظل تحديات خطيرة يفرضها استمرار العدوان الإسرائيلي، حيث يعيش الشعب الفلسطيني أوضاعًا إنسانية كارثية، ويتم حرمانه من الغذاء والماء والكهرباء والرعاية الصحية، وسط دمار شامل حوّل أراضيه إلى مقبرة جماعية وميدان مفتوح لجرائم الحرب والإبادة.
وأشار إلى أن قطاع غزة يشهد واحدة من أبشع صور الإبادة، حيث أسفر العدوان عن سقوط أكثر من 250 ألف شهيد وجريح ومفقود، معظمهم من النساء والأطفال، وتحولت البنية التحتية من مستشفيات ومدارس وكنائس ومساجد إلى أنقاض، في وقت يعاني فيه أكثر من مليوني فلسطيني من النزوح القسري.
وأكد أن ما يجري في الضفة الغربية والقدس المحتلة لا يقل خطورة، حيث تتعرض الأراضي الفلسطينية لحرب ممنهجة تستهدف الإنسان والمكان والهوية والمقدسات، من خلال القتل والتهجير والاستيطان وهدم المنازل وتغيير المعالم التاريخية.
وأشار إلى ما يحدث في مدينة الخليل، مبينا أن الاحتلال الإسرائيلي يسابق الزمن لتغيير معالم الحرم الإبراهيمي وهويته التاريخية ومكانته الدينية، وأن تقسيمه ومنع الآذان فيه وإغلاقه المتكرر، بات واقعا وتحديا ماثلا أمام الجميع، فيما يعلن الاحتلال مؤخرا عن مخططاته في فرض السيطرة الكاملة عليه، من خلال التهديد بنقل سلطة إدارته والإشراف عليه من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية وبلدية الخليل إلى ما يسمى “المجلس الديني اليهودي في مستوطنة كريات أربع” بشكل غير قانوني.
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي دمر مئات المساجد والكنائس في قطاع غزة، من بينها كنيسة القديس برفيريوس الأثرية، ثالث أقدم كنيسة في العالم، وكنيسة العائلة المقدسة، مؤكدًا أن هذا الاستهداف الممنهج يمتد ليشمل المسجد الأقصى من خلال الاقتحامات اليومية ومحاولات تغيير الوضع القائم.
وحذر من تنفيذ مخطط “E1” الاستيطاني الذي سيؤدي إلى فصل القدس عن محيطها الفلسطيني وعزل الضفة الغربية، ويهدد حياة قرابة مليون فلسطيني. كما دعا إلى تحرك دولي لوقف قرصنة الأموال الفلسطينية، التي تُمارسها إسرائيل بصورة تخالف الاتفاقيات الدولية وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
وطالب شلبي الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بتفعيل شبكة الأمان المالية الإسلامية، وتقديم دعم مباشر لموازنة الحكومة الفلسطينية لمواجهة الأعباء المتزايدة.
وأشار إلى تفاقم المجاعة في قطاع غزة، حيث وصلت حسب تقارير دولية إلى المستوى الخامس، وسُجلت وفاة أكثر من 900 فلسطيني، بينهم 71 طفلاً، بسبب الجوع وسوء التغذية، في ظل صمت دولي مقلق.
ودعا إلى تفعيل أدوات العدالة الجنائية الدولية لمساءلة إسرائيل، والعمل على إنهاء حالة الإفلات من العقاب، والضغط على حلفائها – ولا سيما الولايات المتحدة – لوقف دعمها غير المشروط للاحتلال.
وفي ختام كلمته، أكد السفير شلبي تمسك دولة فلسطين بمبادرة السلام العربية كخيار استراتيجي، داعيًا إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في نيويورك نهاية الشهر الجاري، لوضع خطة زمنية تفضي إلى إنهاء الاحتلال، وتحقيق السلام العادل، وتمكين دولة فلسطين من ممارسة سيادتها الكاملة على أراضيها المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك قطاع غزة والقدس الشرقية.
كما شدد على ضرورة توحيد الجهود الإسلامية والدولية لفرض وقف شامل لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية، وتهيئة الظروف لإعادة إعمار قطاع غزة في إطار حل شامل ينهي الاحتلال ويحقق الاستقرار في المنطقة.
(انتهى)



