الأجهزة التابعة للمنظمةمنظمة التعاون الإسلامي

انطلاق أعمال الدورة الـ23 للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان

جدة (يونا) – انطلقت اليوم الأحد أعمال الدورة العادية الثالثة والعشرين للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك في مقر الأمانة العامة للمنظمة في مدينة جدة.

وفي مستهل أعمال الدورة، ألقت المديرة التنفيذية لأمانة الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان الدكتورة نورة بنت زيد الرشود كلمة ترحيبية ثمنت فيها الدعم الذي تجده الهيئة من الدول الأعضاء في المنظمة، وعلى رأسها دولة المقر المملكة العربية السعودية.

وكشفت الرشود أنَّ الدورة الثالثة والعشرين ستشهد مناقشة مواضيعية حول أثر الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان.

وأشارت إلى أنَّ الهيئة عملت على تعزيز إنجازات منظمة التعاون الإسلامي في مجال حقوق الإنسان، مبينة أنها تناولت قضايا محورية مثل الإسلاموفوبيا، وحقوق الأقليات المسلمة، وقيم العائلة، وحقوق النساء والأطفال.

من جانبه، أعرب رئيس الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان السفير طلال خالد سعد المطيري في كلمته عن شكر الهيئة لحكومة المملكة العربية السعودية لاستضافتها أمانةالهيئة وتوفير الوسائل اللوجستية الحيوية والخدمات وسبل الدعم للإدارة السلسة والمرنةللقيام بالأدوار والمسؤوليات والمهام الموكلة إليها، مشدداً على أنَّ هذا الدعم يعكس التزامالمملكة الثابت بتعزيز قضايا حقوق الإنسان داخل منظمة التعاون الإسلامي وخارجها.

وأكد المطيري أنَّ إنشاء الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان يعد إنجازاً عظيماً ومدعاة للفخر وعلامة فارقة في تاريخ منظمة التعاون الإسلامي، حيث أحدثت الهيئة تحولاً نموذجياً في الطريقة التي تسعى بها منظمة التعاون الإسلامي إلى دمج حقوق الإنسان العالمية والحريات الأساسية مع القيم الإسلامية.

وأشار إلى أنه من بين إنجازات الهيئة البارزة إنشاء أطر ومبادئ توجيهية شاملة تهدف إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان في السياق الإسلامي، بما في ذلك اعتماد إعلان القاهرة لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن حقوق الإنسان.

ولفت المطيري إلى أنَّ الهيئة نجحت في تشكيل وإرسال العديد من بعثات تقصي الحقائق ونشرت تقارير مفصلة تسلط الضوء على قضايا حقوق الإنسان وتوصي بحلول قابلة للتنفيذ.

وشدَّد المطيري على أنَّ جهود الهيئة في معالجة قضايا محددة، مثل حقوق المرأة والأطفالوالأقليات، ذات تأثير بارز وخاص، حيث أسهمت في إحداث تغييرات كبيرة فيالسياسات وتحسين الحياة في جميع أنحاء المنطقة التي تشملها منظمة التعاونالإسلامي.

وتطرَّق المطيري إلى موضوع الدورة المتعلق بأثر الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان، مبيناً أنَّ الهيئة تسعى إلى أخذ زمام المبادرة في هذه القضية من خلال تنظيم مناقشةبين الخبراء والمعنيين والمهتمين وأصحاب الرأي، لافتاً إلى أنَّ الوثيقة الختامية لهذهالمناقشة ستكون بمثابة دليل لصياغة إطار السياسات وخطط العمل الوطنية والمبادئوالممارسات للتنمية الأخلاقية ونشر واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

بدوره، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه في كلمته أنَّ الهيئةالدائمة المستقلة لحقوق الإنسان قامت بعمل جدير بالثناء في تقديم توصيات متسقة إلى الدول الأعضاء بشأن مواضيع مختلفة لضمان توافق حقوق الإنسان العالمية والحريات الأساسية مع القيم الإسلامية، مشدداً على أنَّ المساهمة القيمة التي قدمتها الهيئة تحظى بالاعتراف والتقدير من جانب منظمة التعاون الإسلامي والمجتمع الدولي لحقوق الإنسان.

وأشار طه إلى أنَّ البشرية على أعتاب ثورة أخرى تسمى “عصر الذكاء الاصطناعي” إذْ ستغير منهج الحياة والعيش وطريقة التفكير والعمل، في ظل امتلاك الذكاء الاصطناعي لإمكانات هائلة للتأثير على حقوق الإنسان، إيجاباً وسلباً.

وأوضح طه أنَّ مسارات تقاطع الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان تؤكد على التوازن الدقيق بين الابتكار والاعتبارات الأخلاقية، لافتاً إلى أنه في حين أنَّ الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على تعزيز الحقوق مثل الوصول إلى المعلومات والرعاية الصحية، فإنه يثير أيضاً مخاوف بشأن الخصوصية والتمييز والاستقلالية. وبالتالي، فإن فهم آثار الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان أمرٌ ضروريٌ لتعزيز مستقبل يتناغم فيه التقدم التكنولوجي مع الحقوق والقيم الأساسية.

وأكد طه أنَّ التاريخَ الإسلاميَّ حافلٌ بالتراث العلمي الكبير الذي أنتجه المسلمون كرواد في هذه المجالات، مشيراً إلى أنَّ الخوارزميات المعقَّدة التي تشكل أساس الذكاء الاصطناعي اليوم هي نتيجة للمعادلات المعقدة التي سعى علماءُ المسلمين مثل الخوارزمي إلى بنائها وتطويرها، وبالتالي، هناك مساحة طبيعية مشتركة بين الذكاء الاصطناعي والفقه والتراث الإسلامي، إذْ يجب استكشافها بعمق للتعامل بشكل أفضل مع تقدم الذكاء الاصطناعي الحديث في ضوء المبادئ والقيم الإسلامية.

وشدَّد طه على التزام منظمة التعاون الإسلامي بتمكين الدول الأعضاء فيها من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ومساعدتها على تطوير سياساتها ذات الصلة بهذا الشأن، لافتاً، في هذا الصدد، إلى أن منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) تتولَّى زمام المبادرة في صياغة ميثاق العالم الإسلامي للذكاء الاصطناعي.

وأضاف: كما تتولى العديد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي زمام المبادرة في إنشاء مراكز بحثية حديثة لتعزيز الأخلاقيات في مجال الذكاء الاصطناعي. وفي العام الماضي، أنشأت المملكة العربية السعودية المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي خلال الدورة الثانية والأربعين للمؤتمر العام لليونسكو في باريس.

وأشار إلى أنَّ أحد المجالات التي تهتم فيها منظمة التعاون الإسلامي بشكل خاص بتسخير الذكاء الاصطناعي هو معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية السائدة في الدول الأعضاء، مثل الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والتخفيف من حدة الفقر.

من جانبه، أشار الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديويفي كلمته إلى أوجه التعاون بين المجلس ومنظمة التعاون الإسلامي في سياق حماية حقوق الإنسان وذلك من خلال الاتفاقيات والتعاون، والتشاور في مجالات حقوق الإنسان، والتنسيق السياسي المستمر لحل الأزمات والصراعات في العالم الإسلامي،والتعاون الثقافي والإعلامي، مشيداً بدور منظمة التعاون الإسلامي في حقوق الإنسان.

كما أشاد البديوي بدور الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان في هذا المجال، معبراً عن تطلعه إلى توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة ومكتب حقوق الإنسان في الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في المستقبل القريب.

وتطرَّق البديوي في كلمته إلى الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي ومستمر بحق الشعب الفلسطيني وبالأخص في غزة، لافتاً إلى أن هذه الجرائم كشفت فشل المجتمع الدولي في توفير الحماية لمن هم في حاجة إليها.

وشدَّد على ضرورة التنسيق بين الجانبين لمواجهة التحديات، مشيراً على وجه الخصوص إلى القضية الفلسطينية والتصعيد المستمر في قطاع غزة الذي يتطلب منا جميعاً الوقوف مع الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة.

وأكدت الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفيرة هيفاء أبو غزالة في كلمتها أنَّ مشاركة الجامعة في هذه الدورة لهو امتداد طبيعي للتعاون القائم بين المنظومتين على مختلف الأصعدة.

وشددت على أنَّ تعزيز التعاون بين آليات حقوق الإنسان الإقليمية العربية الإسلامية أضحى ضرورة لا سيما من أجل إخوتنا في فلسطين، فالجهود السياسية المبذولة لا تنفك عن الجهود النوعية وفي مقدمتها الإغاثة العاجلة ورصد وتوثيق الجرائم، وتنشيط القضية الفلسطينية أمام مختلف المحافل الحقوقية والقضائية الدولية.

وأشارت إلى أنَّ الذكاء الاصطناعي وإن كان يحمل آمالا كبيرة بتوفير إمكانيات هائلة لتحسين حياتنا، فإنه يطرح تحديات تبلورت أمام أعيننا، ويجب مناقشتها والعمل على سن أُطر قانونية تضمن الاستفادة منه على نحو يوفر الحماية والأمان.

ولفتت إلى أنَّ الجامعة تشدد، في هذا الصدد، على ضرورة وضع مبادئ توجيهية أخلاقية لتنظيم تطوير واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على المنظور الحقوقي حين صياغتها وأن تكون قواعد المساواة وعدم التمييز أساسا لجهود تعزيز خدمات الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي والرعاية الصحية والحفاظ على البيئة من خلال حلول مستدامة.

كما ألقى وزير العدل في جمهورية الغابون بول ماري غوندجوت كلمة استعرض فيها جانباً من القضايا المتعلقة بموضوع الدورة.

وفي ختام الجلسة الافتتاحية للدورة، تمَّ توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية، وقَّعها من جانب الهيئة رئيسها طلال خالد سعد المطيري، فيما وقعتها من جانب الجامعة العربية السفيرة هيفاء أبو غزالة.

عقب ذلك بدأت المناقشات الموضوعية للدورة عن “أثر الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان: التحديات والفرص” وذلك من خلال ثلاث جلسات، تناولت الأولى موضوع “المنظور القانوني الدولي المعياري والإسلامي لحقوق الإنسان بشأن الذكاء الاصطناعي”، وتناولت الثانية موضوع “وجهات النظر المؤسسية حول الذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص”، فيما تطرقت الثالثة إلى “الممارسات الفضلى ووجهات النظر الإقليمية بشأن الذكاء الاصطناعي”.

ومن المقرر أن تتواصل أعمال الدورة حتى يوم الخميس 4 يوليو 2024، وذلك لمناقشة مختلف القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، وعقد اجتماعات فرق عمل الهيئة المخصصة للتعاطي مع عدد من القضايا ذات الأولوية، بما في ذلك الإسلاموفوبيا والأقليات المسلمة، وحقوق المرأة والطفل.

(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى