
جدة (يونا) – وصف المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى منظمة التعاون الإسلامي، السفير الدكتور صالح بن حمد السحيباني، اللغة العربية بأنها ليست كبقية اللغات وسيلة للتواصل والتفاهم ونقل الثقافات والحضارات فحسب، بل هي لغة الشعوب الإسلامية قاطبة في المشرق والمغرب إذ ترتبط بحياتهم التعبيرية وأداء شعائرهم الدينية، من هذا المنطلق تمثل اللغة العربية هوية هذه الأمة، وعمقها الإيماني والروحي.
وقال في كلمة المملكة العربية السعودية (دولة المقر) خلال احتفال مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، باليوم العالمي للغة العربية، والذي نُظم اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025 بمقر منظمة التعاون الإسلامي بمدينة جدة ” أدرك جازمًا بأنه لا يخفى عليكم جميعا بأن اللّٰه سبحانه وتعالى قد شَرّف اللغة العربية وخصها بأمرين عظمين، حيث أنزل كتابه المقدس بها، واصطفى رسوله الكريم من أهلها ومن الناطقين بها، فكانت بذلك وعاء لأصلي الإسلام العظيمين ومصدري التشريع، القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة”.
وأضاف” لقد جعلت المملكة العربية السعودية وبدعم كريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، من اللغة العربية، قضية هوية، ورسالة حضارية، لا شعارًا عابرًا ولا جهدًا موسميًا، فانطلقت تلك الجهود في الآفاق لخدمة اللغة العربية من إيمان راسخ بأنها لغة الوحي، ولسان الثقافة الإسلامية الناطق، ووعاء الذاكرة الحضارية للأمة، وسعت جاهدة نحو تمكينها وتمكنها، فدعمت تعليمها وتعلمها في شتى القارات، عبر العشرات من الوسائل والأساليب الحديثة ومختلف المجالات، ولم تقف تلك الجهود الحثيثة على حدود تعليمها بل امتدت إلى الفضاء الثقافي والإقليمي والدولي”.
وتابع “حملت المملكة اللغة العربية وبتعاون كريم من العديد من الدول الأعضاء إلى المنظمات الدولية دعمًا وترسيخًا، ودافعت عن حضورها في المحافل الدولية وربطت بين اللغة والتنمية وبين الهوية والانفتاح والمحافظة من جهة، وبين الأصالة ومتطلبات العصر الرقمي، وبهكذا مبادرات وأعمال وجهود فاعلة، لم تكن عناية المملكة باللغة العربية كما قد يظن عناية حارس على ماضٍ رحل، بل تمضي اليوم وتواصل الهمة والمهمة بثقة في المستقبل، مؤكدة بأن العربية ليست لغة ماضٍ يحفظ، بل لغة حاضر يُنتج، ومستقبل يبنى، وإيمان لا ينقطع ولا يفتر”.
وشدد السحيباني على أن الاحتفاء بهذا اليوم يجب أن يكون منصة تُقيّم فيها الجهود الماضية ويقف فيها الجميع بتمعن عند أنشطة الحاضر، والتخطيط فيه للمستقبل بروية وأكثر فاعلية”.
واقترح أن يتم في المرحلة المقبلة، تبني مبادرات تعنى بالدبلوماسية اللغوية التي تعد فيها اللغة جوهر العملية الدبلوماسية، بحيث يعقد المجمع وهو الصرح المتخصص، دورات تدريبية في الأمانة العامة والأجهزة التابعة لها؛ لتنمية ثقافة الدبلوماسية اللغوية وأساليبها بما يعزز من كفاءة الدبلوماسيين الجدد ويرفع من تأهيلهم في استخدام اللغة العربية بحكمة وكفاءة.
كما أبدى تطلعه من خلال الاحتفالات السنوية القادمة، أن تكون نقطة تحول وجعل اللغة العربية لغة دبلوماسية تتجاوز حدود المجتمعات الإسلامية؛ لتصبح لغة تواصل فاعلة بين مجموعات لا تتشارك لغة واحدة، والسعي نحو جعل اللغة العربية، اللغة الدبلوماسية المتداولة في منظمة التعاون الإسلامي، مقترحا على المجمع وبالتعاون مع بعض الأطراف المعنية، إجراء تقييم شامل لمدى حضور اللغة العربية في الحقل الدبلوماسي من خلال إبراز التجارب الشخصية لمجموعة من السفراء والمندوبين الدائمين القادمين من دول غير ناطقة باللغة العربية، والحديث عن تحديات تعلم اللغة العربية وتعليمها في أروقة الدبلوماسية والسياسة والآفاق المستقبلية لهذه اللغة الشريفة في مجال السياسة والدبلوماسية.
وشدد على أن مناسبة اليوم العالمي للغة العربية تمثل فرصة كبرى للفت الانتباه والتذكير بالعمل الجاد نحو خدمة لغة القرآن الكريم، وأنها فرصة سائحة للتعاون والتنسيق والتكامل في سبيل إنجاز مشاريع كبرى ومبادرات نوعية تخدم اللغة العربية في كافة لمجالات وفي شتى القارات، تعبدًا لله تعالى، وابتغاء لوجه الكريم.
وأضاف” من هذا المنطلق فإنه من مسؤوليتنا جميعًا أن نحافظ على هذه اللغة؛ لكي تواصل دورها كما كانت في سابق الأزمان رافدًا حضاريًا للشعوب الإسلامية، وهذا الاحتفال – وبقدر ما هو يجسد التواصل والتعاون – إلا أنه ينبغي علينا أن قدم لها مقومات ومبادرات متميزة تحفظ لها فاعليتها بحيث نجعلها لغة العمل والتعامل اليومي في الأمانة العامة، وإن النفوس التي رأيتها في منظمة التعاون الإسلامي وأجهزتها المتعددة تواقة لذلك”.
وقدم السفير السحيباني، خالص الشكر والتقدير وصادق الامتنان لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية وللأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي.، ولحضور الحفل من الجامعات السعودية، مثنيا على الجهود والمشاركة الفاعلة من الدول الأعضاء الذين أثرو الاحتفالية بمداخلتهم وأطروحاتهم القيمة.
(انتهى)



