
نيويورك (يونا/واس) – اختتمت أعمال المؤتمر العالمي الثاني لتسخير البيانات من أجل تحسين قياس الفساد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، الذي انعقد خلال الفترة من 2 إلى 4 ديسمبر 2025م الموافق 30 جمادى الأولى – 3 جمادى الآخرة 1447هـ، ونظّمته بصورة مشتركة هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة” وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، والأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد (IACA).
وشهد المؤتمر مشاركة واسعة من أكثر من (100) دولة، وما يزيد على (22) منظمة دولية، شملت: البنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إضافةً إلى منظمات شريكة من أبرزها منظمة الشفافية الدولية، وصندوق النقد الدولي، ومعهد بازل للحوكمة، وIMD، وGTI، وTI، وبمشاركة مؤشر النزاهة الأفريقي، ومعهد الشفافية الحكومية، ومركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، والاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، وصندوق النقد الدولي، ومبادرة الإنتوساي للتنمية، ومركز موارد مكافحة الفساد U4، وشراكة التعاقد المفتوح، والملكية المفتوحة، ومشروع العدالة العالمية, والميثاق العالمي للأمم المتحدة.
وضم المؤتمر مشاركين من المؤسسات الأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني، وممثلين عن القطاع الخاص، وغيرها من الجهات ذات الصلة المعنية بتطوير مؤشرات قياس الفساد وتعزيز النزاهة عالميًا.
وبالإعلان واعتماد “توصيات نيويورك بشأن مستقبل قياس الفساد”، التي جاءت إطارًا يعزّز الإرادة المشتركة للدول والمنظمات الدولية نحو تطوير سياسات أكثر فاعلية في مجال مكافحة الفساد، وتوسيع استخدام البيانات كأساس لصياغة القرارات وتعزيز الشفافية والنزاهة عالميًا، جاءت مشاركة المملكة بوفد رسمي رأسه معالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد الأستاذ مازن بن إبراهيم الكهموس، وبحضور المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة السفير الدكتور عبدالعزيز الواصل، وبمشاركة قادة الهيئات وممثلي الحكومات والخبراء والمختصين من مختلف دول العالم، في إطار مواصلة الجهود العالمية الرامية إلى تطوير منهجيات دقيقة لقياس الفساد، وجعل البيانات ركيزة أساسية لصياغة سياسات مكافحة الفساد.
وألقى معاليه كلمة المملكة في افتتاح أعمال المؤتمر، نوّه فيها بالتزام القيادة الرشيدة -رعاها الله- الراسخ والثابت بمكافحة الفساد ومحاسبة مرتكبيه، وتعزيز جهود المملكة في هذا المجال منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، التي عزّزت المساءلة والنزاهة ضمن منظومة الحوكمة.
واستعرض معاليه جهود المملكة والشراكات المتنامية في تطوير مبادرات قياس الفساد، مؤكّدًا أن قياس الظاهرة بدقة يعدّ أساسًا لصياغة سياسات فعّالة تستند إلى البيانات, مشيرًا إلى الدور الريادي للمملكة في تطوير “مبادئ فيينا نحو منهجية عالمية لقياس الفساد” وتضمينها في قرارات مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وشهدت الجلسة الافتتاحية ترحيبًا قدمته المدير المشارك لمركز الحوكمة وسيادة القانون وبناء السلام في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدكتورة سارة ليستر، أكدت فيه أهمية تعزيز التعاون الدولي لتطوير منهجيات دقيقة لقياس الفساد وربطها بأهداف التنمية المستدامة، كما ألقى مساعدُ الأمين العام للأمم المتحدة والمدير المساعد ومدير مكتب دعم السياسات والبرامج ماركوس أثياس نيتو، كلمةً خلال الجلسة الافتتاحية، أوضح فيها أهمية تطوير أدوات قياس الفساد المستندة إلى البيانات ودعم الجهود الدولية الهادفة إلى تعزيز الحوكمة والنزاهة وأشادت السيدة أنجيلا مي، رئيسة فرع البحوث والتحليل في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بالجهود الموفقة التي بذلتها المملكة العربية السعودية في دعم هذا المسار، فيما أكد العميد المكلف للأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد دراغو كوس، أهمية التعاون الدولي لتطوير أدوات قياس موحّدة تعزّز فعالية مكافحة الفساد، منوّهًا بأن دعم المملكة كان عنصرًا حاسمًا في تحقيق التقدم الحالي.
وتضمّنت فعاليات اليوم الأول إطلاق لوحة البيانات العالمية الجديدة والمنتجات المعرفية، إلى جانب انعقاد الجلسة العامة بعنوان “قياس الفساد لدعم إصلاحات مكافحة الفساد”، التي أدارتها المديرةُ المشاركة للحوكمة وسيادة القانون وبناء السلام في مكتب السياسات والبرامج ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي سارة ليستر، وركّزت على دور المؤشرات المبنية على البيانات في توجيه إصلاحات مكافحة الفساد.
كما عُقدت الجلسة الأولى بعنوان “التجارب الدولية والإقليمية في قياس الفساد – التحديات وأفضل الممارسات” التي أدارتها المستشارة الرئيسية في مركز الموارد المعني بمكافحة الفساد بمعهد كريستيان ميشيلسن صوفي شوتّه، واستعرضت تجارب الدول والمنظمات في تطوير أدوات القياس، وتلتها الجلسة الثانية بعنوان “تسخير بيانات المسوحات لاستكشاف الفساد بما يتجاوز التصورات”، وأدارتها رئيسة فرع البحوث وتحليل الاتجاهات في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) أنجيلا مي، مركّزة على دور بيانات المسوحات في الكشف عن أنماط الفساد، كما عُقدت الجلسة الثالثة بعنوان “نقطة الالتقاء بين القطاعين العام والخاص.. النتائج العالمية حول الرشوة ونزاهة المشتريات”، وأدارتها الباحثةُ في نزاهة المشتريات الحكومية في أستراليا صوفي بورك، وتناولت أبرز النتائج العالمية المتعلقة بالرشوة ونزاهة المشتريات في التقاطعات بين القطاعين العام والخاص.
وفي اليوم الثاني، استكمل المؤتمر أعماله بسلسلة من الجلسات المتخصصة، شملت الجلسة الرابعة بعنوان “بناء النزاهة – مواجهة مخاطر الفساد في الخدمات العامة والبنية التحتية”، التي أدارتها مستشارة السياسات ونائبة مدير إدارة ممارسات الصحة والتنمية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ناتاليا لينّو، وركزت على إدماج معايير النزاهة في تصميم وتنفيذ الخدمات العامة ومشروعات البنية التحتية.
وعلى هامش أعمال المؤتمر، أُقيمت فعاليتان جانبـيتان؛ الأولى بعنوان “قوة القياس.. أدوات عملية لمكافحة الفساد” من تنظيم الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد (IACA)، فيما تناولت الفعالية الثانية “لوحة البيانات العالمية للفساد في المشتريات العامة” من تنظيم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وفريق حوكمة الشفافية (GTT)، واستعرضت أدوات رقمية عملية لتعزيز الشفافية في المشتريات العامة، وشهد اليوم ذاته انعقاد الجلسة الخامسة بعنوان “قياس فعالية عمل أجهزة مكافحة الفساد”، أدارها مديرُ إدارة التحقيقات في البنك الدولي آلان باكاريز، والجلسة السادسة بعنوان “تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة في قياس الفساد”، التي أدارها مدير إدارة الوقاية وإدارة المخاطر والمعرفة في البنك الدولي مارسيلو دونولو، وركّزت على تسخير التقنيات المتقدمة لتحليل البيانات المعقدة.
واختُتم اليوم الثاني بالجلسة السابعة بعنوان “قياس التدفقات المالية غير المشروعة والأسواق غير القانونية والتهرب الضريبي”، أدارها المدير التنفيذي المشارك في مركز سايروس آر. فانس الدولي للعدالة خايمي تشافيز ألور، وتناولت أبرز المؤشرات والأدوات المتعلقة بالجرائم المالية العابرة للحدود.
وفي اليوم الثالث والأخير، انتقلت أعمال المؤتمر إلى نقاشات معمّقة حول مستقبل قياس الفساد، من خلال الجلسة الثامنة بعنوان “تعزيز إستراتيجيات مكافحة الفساد من خلال بناء إحصاءات موثوقة لتحليلات قياس الفساد”، وأدارتها كبيرة مستشاري برنامج البيانات في شعبة الإحصاءات بالأمم المتحدة فريال أحمد، وركّزت على بناء منظومات إحصائية موثوقة تدعم تحليلات الجيل القادم في هذا المجال.
كما عُقدت الجلسة التاسعة بعنوان “قياس فعالية التدابير الرامية إلى مكافحة الفساد – رؤى مقدّمة من الدول وآليات المراجعة الدولية، التي أدارتها مسؤولة منع الجريمة والعدالة الجنائية في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ستيفاني هولينغ، واستعرضت تجارب الدول وآليات المراجعة الدولية للأقران في تقييم فعالية التدابير المتخذة، واختُتمت الجلسات بالجولة الحوارية في الجلسة العاشرة بعنوان “الاتجاهات المستقبلية في قياس الفساد”، والتي أدارها الرئيس الفخري والمؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق لمعهد حوكمة الموارد الطبيعية وأستاذ الاقتصاد السابق في البنك الدولي دانيال كوفمان، وناقشت الاتجاهات المقبلة في منهجيات القياس وسبل توحيد المعايير العالمية وتعظيم الاستفادة من البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في استشراف مخاطر الفساد.
وخلال الجلسات رفيعة المستوى، تقدّمت مجموعة من الدول بالإشادة والشكر للمملكة العربية السعودية على جهودها ودعمها لهذا المشروع العالمي الرائد، ومنها: مملكة البحرين، والمملكة المغربية، وجمهورية أذربيجان، ودولة كوت ديفوار، وجمهورية جنوب أفريقيا، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية الدومينيكان، وجمهورية باكستان الإسلامية إلى جانب إشادات متعددة من خبراء دوليين شاركوا في أعمال المؤتمر، مؤكدين أن الدعم الذي قدّمته المملكة شكّل عنصرًا محوريًا في دفع تطوير أدوات قياس الفساد على المستوى الدولي وتعزيز موثوقيتها واعتمادها ضمن الأطر الأممية.
وعُرضت وثيقة المخرجات وخارطة الطريق لتعزيز قياس الفساد بمشاركة الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، حيث استعرض المتحدثون أبرز ملامح الوثيقة ودورها في توحيد منهجيات القياس ودعم الجهود الدولية لتعزيز النزاهة.
واختُتمت أعمال المؤتمر بكلمات رسمية ألقاها كلٌّ من: مديرة مساعدة في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة فرانشيسكا غروم، والعميد المكلّف للأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد دراغو كوس، ونائبة المديرة في مكتب السياسات وبرامج الدعم ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فرانسِين بيكاب، وممثلة مكتب الاتصال التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في نيويورك شياو هونغ لي، ووكيل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد للتعاون الدولي الدكتور ناصر بن أحمد أبا الخيل، حيث ألقى الكلمة الختامية، مؤكدًا التزامَ المملكة العربية السعودية وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد الثابت بدعم هذه الجهود وتعزيزها.
وشدّد على استمرار الدور الفاعل للمملكة في تطوير أدوات قياس معدلات الفساد، بوصفها ركيزةً أساسية لتصميم استجابات أقوى وأكثر فاعلية على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية والمؤسسية, موضحًا أن الإرادة ماضية، وأن المسؤولية مشتركة لتحقيق مستقبل أكثر نزاهة.
وتأتي مشاركة المملكة في هذا المؤتمر استمرارًا لجهودها في قيادة المبادرات العالمية لمكافحة الفساد، وفي مقدمتها مبادرة “نزاهة العالمية لقياس الفساد” التي أطلقتها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبذلك يُشكّل هذا المؤتمر محطة متقدّمة للبناء على هذه الجهود، ودافعًا نحو تطوير سياسات أكثر فاعلية في قياس الفساد، وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة على المستوى العالمي، بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة.
(انتهى)



