العالم

التحالف العالمي ضد الجوع والفقر بين الطموحات والتحديات

الدوحة (يونا/قنا) – بصفتها رئيسة الدورة الحالية لمجموعة العشرين، دشنت البرازيل مطلع هذا الأسبوع، التحالف العالمي ضد الجوع والفقر، بهدف القضاء على هذه الآفة بحلول عام 2030، الأمر الذي أنعش الآمال بالنسبة لمئات الملايين من الفقراء والجوعى حول العالم.

وقد أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا هذا التحالف بشكل رسمي في كلمته الافتتاحية لقمة العشرين في ريو دي جانيرو، يوم الإثنين الماضي، وقال “تقع على عاتق الحاضرين هنا، وعلى عاتق من حول هذه الطاولة، المهمة العاجلة المتمثلة في وضع حد لهذه الآفة التي تخجل الإنسانية”.

وشدد على أن التحالف ولد في مجموعة العشرين، لكنه سيكون عالميا، وأكد أن الجوع والفقر ليسا نتيجة الندرة أو الظواهر الطبيعية، مشيرا إلى أنه من غير المقبول استمرار المعاناة من الجوع في عالم ينتج ما يقرب من 6 مليارات طن من الغذاء سنويا، و يبلغ فيه الإنفاق العسكري 2.4 تريليون دولار، وقال إن الأمر لا يتعلق فقط بتحقيق العدالة، لكنه شرط أساسي لبناء مجتمعات أكثر ازدهارا وعالم ينعم بالسلام.

وأعلن الرئيس البرازيلي أن بلاده ستقوم بصياغة توصيات دولية وسياسات عامة فعالة ومصادر تمويل لهذا التحالف، الذي يضم 148 عضوا مؤسسا، بينهم 82 دولة، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، و24 منظمة دولية، وتسع مؤسسات مالية دولية، و31 منظمة خيرية وغير حكومية.

وقال ويلينجتون دياس، وزير التنمية الاجتماعية البرازيلي إن القضاء على الجوع والفقر ليس بالأمر الصعب، والتكلفة ليست باهظة، وقد أظهرت التجارب نجاح هذا الخيار ، مؤكدا أن الأمر يكمن في الإرادة السياسية.

ولا تشمل دول مجموعة العشرين فقط الاقتصادات الرائدة في العالم، بل تضم أيضا بعض أكبر المنتجين الزراعيين على مستوى العالم كالبرازيل والهند والصين، وهذا من شأنه أن يمكن هذه الدول من العمل معا لمعالجة كافة مظاهر وأشكال تحديات الأمن الغذائي، من الفقر إلى تحسين الزراعة.

وتمثل مجموعة العشرين 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي البالغ 110 تريليونات دولار، كما أنها تمثل 75% من إجمالي التجارة في السلع والخدمات البالغة 32 تريليون دولار، وثلثي سكان الكوكب البالغ عددهم 8 مليارات نسمة.

ويهدف التحالف العالمي ضد الجوع والفقر، إلى تقديم منصة طموحة وعاجلة لتسريع التقدم نحو تحقيق التعهدات الدولية بالقضاء على الفقر والجوع بحلول عام 2030، وهما الهدفان 1و2 من أهداف التنمية المستدامة، وكذلك الحد من التفاوتات وهو الهدف العاشر من أهداف التنمية المستدامة.

وسيعقد التحالف مؤتمرات قمة منتظمة لمكافحة الجوع والفقر وسينشئ مجلسا رفيع المستوى للإشراف على العمل، وقد التزمت البرازيل بتمويل نصف تكاليف آلية الدعم حتى عام 2030، مع مساهمات إضافية من بلدان أخرى.

ومن بين الإعلانات والالتزامات التي يتطلع التحالف لإنجازها، هدف إفادة 500 مليون شخص، من خلال برامج تحويل الدخل في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى بحلول عام 2030.

كما يهدف التحالف إلى توسيع نطاق التغذية المدرسية عالية الجودة لنحو 150 مليون شخص في البلدان التي تعاني من الفقر والجوع المستوطن بين الأطفال، في حين يجمع المليارات من الائتمان والتبرعات من خلال بنوك التنمية المتعددة الأطراف لتنفيذ هذه البرامج وغيرها.

ووفق المراقبين فإن هدف المبادرة طموح جدا وهو الحد من الجوع في العالم لكن التحديات تبدو هائلة، فقد عانى من الجوع المزمن 733 مليون شخص في العام الماضي، أي ما يعادل تسعة بالمئة من سكان العالم، ولا يستطيع نحو 2.8 مليار شخص تحمل تكاليف نظام غذائي صحي، وفقا لأحدث تقديرات منظمة الأغذية والزراعة وغيرها.

وتجمع تقارير الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة على أن شبح الجوع يخيم على ملايين البشر خلال العقد المقبل، وترى أن التمويل يبقى مسألة حاسمة في طريق التحالف العالمي ضد الجوع والفقر ، فقد انضمت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، إلى التحالف العالمي كعضو مؤسس إلى جانب وكالات الأمم المتحدة الأخرى والحكومات والمؤسسات المالية الدولية والمؤسسات الخيرية ومؤسسات المعرفة، وحث المدير العام للمنظمة شو دونيو ، جميع أعضاء المنظمة وشركائها على الانضمام إلى التحالف العالمي الجديد، وقال إن تحقيق القضاء على الجوع أمر ممكن، ويتطلب جهودا واستراتيجيات جماعية أقوى لمعالجة التحديات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والمؤسسية التي تؤدي إلى استمرار الفقر والجوع، وأوضح شو أن منظمة الأغذية والزراعة ستستضيف آلية دعم التحالف العالمي من مقر المنظمة في روما، بالتعاون الوثيق مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى والمؤسسات المالية الدولية. وستقدم منظمة الأغذية والزراعة المساعدة الفنية للدول المنفذة، وتضع تحت تصرفها خبراتها الكبيرة في المعرفة المتعلقة بالأمن الغذائي والتنمية الريفية الشاملة، بهدف نقل المعرفة والخبرة وأمثلة أفضل الممارسات إلى أجزاء العالم التي تشتد الحاجة إليها.

كما أعلن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة أنه أصبح عضوا مؤسسا في التحالف العالمي ضد الجوع والفقر، وأكد التزامه بالمساهمة في التحالف بخبرته في التنمية الريفية، والحصول على التمويل، والابتكار في السياسات، وقال إنه يهدف من خلال الشراكات الاستراتيجية إلى تقديم ما لا يقل عن 10 مليارات دولار أمريكي، من أجل معالجة الجوع والفقر بين السكان الريفيين بين عامي 2025 و2027، وأكد ألفارو لاريو رئيس الصندوق أن الطريق الأسرع للخروج من الجوع والفقر هو من خلال ضخ الاستثمارات في الزراعة في المناطق الريفية.

وقال إن القضاء على الجوع وسوء التغذية يتطلب الاستثمار بشكل أكثر وبذكاء أكبر ، وجلب أموال جديدة من القطاع الخاص وإعادة إذكاء الرغبة التي سادت خلال فترة الجائحة لإحداث إصلاح مالي عالمي طموح يوفر تمويلا أرخص للبلدان التي هي في أمس الحاجة إليه.

أما المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، فقد أكدت أن بناء مستقبل خال من الجوع، أمر ممكن إذا تم حشد الموارد والإرادة السياسية اللازمة للاستثمار في الحلول الطويلة الأجل المثبتة، وقالت إن العالم يمتلك التكنولوجيات والمعارف اللازمة للقضاء على انعدام الأمن الغذائي، لكنه بحاجة ماسة إلى الأموال من أجل الاستثمار فيها على نطاق واسع.

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى