دبي (يونا/وام) – أكد المتحدثون في جلسة “أزمة التعليم .. كيف تمكّن الحكومات أجيال المستقبل؟”، التي شهدها اليوم الثاني من القمة العالمية للحكومات 2024، والتي تقام خلال الفترة من 12 إلى 14 فبراير الجاري، وتختتم فعالياتها يوم الأربعاء، أهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير العملية التعليمية، ودعم تعلم الطلبة بشكل أفضل من الطرق التقليدية، مشيرين إلى أن الذكاء الاصطناعي يختصر وقت اليوم الدراسي من 6 ساعات إلى ساعتين فقط.
وشدد المشاركون في الجلسة، التي ضمت كلاً من الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير التربية والتعليم، وكريستينا كالاس، وزيرة التعليم والبحث العلمي في جمهورية إستونيا، والدكتور راج إيشامبادي، رئيس معهد إلينوي للتكنولوجيا، وجو ليماندت، مدير شركة alpha.school، على أن تطبيق الذكاء الاصطناعي لن يقصي المعلمين عن دورهم، منوهين بضرورة تأهيلهم للتعامل مع الذكاء الاصطناعي بالشكل الذي ينعكس إيجاباً على العملية التعليمية ومخرجاتها، ومنوهين بضرورة أن يتدرب التلاميذ على استخدام الذكاء الاصطناعي منذ المراحل التعليمية الأولى.
(طفرة كبيرة)
وأكد الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، أن الذكاء الاصطناعي أحدث طفرة تطويرية كبيرة في عملية التعلم والمعرفة واكتسابها، حيث طرح العديد من طرق الحصول على هذه المعرفة، وسهّل الوصول إليها.
وأشار إلى أن إصلاح العملية التعليمية وسياساتها يتطلب وقتاً طويلاً حتى تظهر نتائج هذا الإصلاح، لافتاً إلى أن إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم أمر ضروري، مشدداً على أنه يجب أيضاً أن يكون مرتكزاً على استراتيجية واضحة تراعي تأهيل جميع أطراف العملية التعليمية، فضلاً عن وجود البنية التحتية التي تخدم هذا التوجه.
ونوه وزير التربية والتعليم إلى أن بعض الدراسات تفيد بوجود نقص في عدد المدرسين في العالم في 2030، بنحو 6 ملايين مدرس، مشدداً على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن المعلم يأتي في صلب العملية التعليمية، فيما سيساعد الذكاء الاصطناعي المعلمين والطلبة في إنجاح العملية التعليمية.
وأكّد أن التخلف عن مواكبة التطورات في العملية التعليمية يُعدّ أمراً من الصعب قبوله في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم. لافتاً إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في المراحل التعليمية قبل المرحلة الثانوية لن يكون ذا قيمة كبيرة، ولكنه في المقابل سيعزز التفكير النقدي لدى طلبة الثانوية، ومن ثمّ فإنه أداة جيدة في هذه المرحلة والمراحل التالية من التعليم.
(أدوات المستقبل)
وقال الدكتور أحمد بالهول الفلاسي إن حكومة دولة الإمارات وضعت خططاً لتحسين الأداء في العملية التعليمية، والتعامل مع الابتكارات، وذلك في إطار المحافظة على طرق التعليم الأكثر كفاءة ونفعاً للطلبة، وفي هذا الصدد يدخل القطاع الخاص كشريك رئيس في تطوير العملية التعليمية، من خلال الشركات المتخصصة في التكنولوجيا، والتي تساهم في تدريب وتأهيل العاملين في القطاع التعليمي تكنولوجياً.
ولفت إلى أنه وخلال السنوات السبع الماضية كان الحديث يدور عن الأتمتة، ثم تطور الأمر للحديث عن أدوات المستقبل في جميع المجالات ومنها التعليم؛ وقال : “اكتشفنا وجود نوعين من المهارات في العملية التعليمية، هما المهارات الناعمة التي تتعلق بالعواطف والمشاعر والقدوة، وهذه المهارات لا يستطيع الطالب اكتسابها إلا من خلال المعلم، أما النوع الآخر فهو المهارات الأكاديمية التي نريد من الذكاء الاصطناعي أن ينجزها، لذلك من الضروري إيجاد نوع من التوازن بين كلا النوعين من المهارات”.
(نهج الابتكار)
من جهتها، استعرضت كريستينا كالاس تجربة جمهوية إستونيا في ما يخص تطبيق نهج الابتكار في العملية التعليمية، حيث أوضحت أن “الفقر الذي كانت تعيشه الدولة حتم عليها الابتكار في التعليم الذي بدأته “من الصفر” منذ 30 عاماً، ولذلك لم تتوان الدولة عن إدخال التكنولوجيا إلى العملية التعليمية، من أجل اختصار متطلبات هذه العملية لتوفير المال المخصص لموازنة التعليم”.
وذكرت أن إستونيا اعتمدت على التكنولوجيا في التعليم بدلاً من طريقة الكتب التقليدية، وأطلقت برنامجاً تقنياً للمعلمين لكي يتمكنوا من التعامل مع الوسائل الحديثة، مضيفةً: “ظهرت أهمية الطرق التعليمية الحديثة المعتمدة على التكنولوجيا، أثناء جائحة كورونا خلال السنوات الثلاث الماضية، والأمر الأبرز في تلك الفترة أن المعلمين فهموا ما يجب عليهم تعلمه بشكل جيد من أساليب تدريسية حديثة تعتمد على التقنية والذكاء الاصطناعي”.
ولفتت الوزيرة إلى أن النظام التعليمي الحديث يركز على مهارات المعلمين، في ظل تعزيز الثقة بهم، لافتةً إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية يختصر زمن تعليم التلاميذ في اليوم الدراسي من 6 ساعات إلى ساعتين، كما يساعد الذكاء الاصطناعي على مواجهة التحديات المعرفية لدى الطلبة والمعلمين، وذلك أهم من المذاكرة والحفظ.
وأوضحت أن معظم التلاميذ، في الكثير من دول العالم، قد يقضون في المدارس 6 ساعات يومياً، إلا أن محصلة الدراسة لديهم ربما لا تتعدى 45 دقيقة فقط، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي يعمل على جعل العملية التعليمية أكثر فائدة، وفي وقت أقصر من ساعات اليوم الدراسي المعتاد، وإضافة إلى ذلك فإن الذكاء الاصطناعي يوفر وقت المعلمين الذين يقضونه في مراجعة وتقييم الواجبات ورصد الدرجات، والذي يمثل 75% من وقتهم في اليوم الدراسي.
(اختصار الوقت)
بدوره أكد جو ليماندت ضرورة أن يتدرب التلاميذ على استخدام الذكاء الاصطناعي منذ المراحل التعليمية الأولى، عبر قضاء ساعتين خلال اليوم، وأن يتم ذلك بإشراف المعلمين، وقال: “خلال السنتين الماضيتين اللتين استخدمت فيهما مدرسة “ألفا” التعليم بالذكاء الاصطناعي؛ استطاعت اختصار وقت الطلبة بشكل ملحوظ”، مشدداً على أن هذه الطريقة كانت ناجحة وفعالة، حيث تعلم التلاميذ مرتين ونصف أكثر من تلاميذ المدارس العادية.
وذكر ليماندت أن دور المعلمين في المدارس معنوي وعاطفي بالنسبة إلى التلاميذ، إضافة إلى أنه يمنحهم الوقت للتعلم بأنفسهم، وفي المقابل من الضروري أن يكون التلاميذ محفزين، ومن ثم يجب ألا يدخل المعلم حجرة الدرس فقط لكي يضع الدرجات ويقيم الواجبات.
(3 فوائد)
أما الدكتور راج إيشامبادي فقد حدّد ثلاث فوائد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، خلال السنوات العشر المقبلة، وهي أولاً: أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في تعليم التلاميذ يساعدهم على تحقيق درجة الامتياز في الدراسة والتحصيل العلمي، وثانياً: أن التلميذ يحصل من خلاله على مهارات أفضل ويتحسن مستواه، وثالثاً: أن الذكاء الاصطناعي يدعم وصول التلاميذ بعد التخرج إلى سوق العمل.
ولفت إلى أن التعليم الجامعي تنافسي بطبيعته؛ إذ ربما يتقدم 30 شخصاً للحصول على مقعد في الجامعة، ولكن لا يحصل على المقاعد سوى 20 فقط، وهم المؤهلون للدراسة الجامعية، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي الذي يساعد الطالب على التعليم الجيد وبالتالي يساعده على ضمان مقعده في الجامعة.
وختم إيشامبادي مداخلته بالقول: “من الضروري أن نفرق بين الحصول على شهادة جامعة، والتدريب الذي يتلقاه الخريج أثناء دراسته وبعد تخرجه، لذلك أوجدنا في مدرستنا الشهادة المصغرة التي تجمع بين الدراسة الأكاديمية والتدريب العملي”.
(انتهى)