الأجهزة التابعة للمنظمةمنظمة التعاون الإسلامي

مدير فرع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بجدة: واقع فلسطين يفرض ضرورة استحضار المسؤوليات لمواجهة أعنف الأزمات الإنسانية المعاصر

جدة (يونا) – شدد الدكتور عبدالله بن محمد الزهراني، مدير فرع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بجدة، على ضرورة استحضار المسؤوليات والإنسانية والالتزام الدولي، وإدراك حجم التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني، خاصة فئة الشباب، في خضم واحدة من أعقد وأعنف الأزمات الإنسانية المعاصرة.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور الزهراني بورقة مفاهيمية في الحوار رفيع المستوى لإشراك الشباب في الجهود الإنسانية في مرحلة ما بعد النزاع بناء السلام والتنمية، في إطار أعمال الدورة العادية السادسة والعشرين للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان بمنظمة التعاون الإسلامي
عنوان في جلسة التي عٌقدت بعنوان: “إعادة بناء الحياة: الشباب الفلسطيني في الاستجابة الإنسانية لما بعد النزاع”.
ونوه بالواقع الإنساني الصعب الذي تشهده فلسطين، وقال” النزاع الأخير في قطاع غزة، خلّف دمارًا يمتد من المباني والبنى التحتية إلى الإنسان ذاته. الفلسطينيون واجهوا تدهورًا غير مسبوق في خدمات الصحة والتعليم والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وشهدوا نزوحًا واسعًا داخل القطاع، وتعرضوا لانقطاع مستمر في الإمدادات الأساسية مثل الدواء والغذاء، فضلًا عن صدمات نفسية واجتماعية تركت آثارًا عميقة بين أطفالهم، خصوصًا على الشباب والشابات. وهؤلاء الفئة بالأخص، رغم كل ما مرّ بهم، يظلون الركيزة الأكثر قدرة على النهوض من بين الركام، وإعادة بناء ما تهدّم، وإحياء الأمل في نفوس مجتمع أنهكته الأزمات.”
وأضاف “تؤكد المعطيات التي بين أيدينا أن الشباب ليسوا مجرد مستفيدين من البرامج الإنسانية والإغائية، بل هم عنصر فاعل قادر على قيادة عملية التعافي والنهوض الاقتصادي والاجتماعي، فطاقاتهم، وقدرتهم على الابتكار، واستعدادهم للمشاركة التطوعية والمجتمعية، تجعل منهم الشريك الطبيعي والأهم في جهود إعادة الإعمار وترميم النسيج الاجتماعي، غير أن هذا الدور لن يتحقق بصورة كاملة إلا إذا أحطناه بالتمكين الحقيقي، عبر التعليم، وبناء القدرات، وتوفير فرص العمل، والدعم النفسي، والمشاركة في صنع القرار، لكي يكونوا شركاء في صياغة مستقبل فلسطين، لا مجرد متلقين للمساعدات.”
وتابع” في هذا السياق، يحضر دور المملكة العربية السعودية بما يمثله من التزام مؤسسي وإنساني ممتد عبر عقود، فمنذ تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وبتوجيهات مباشرة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد – حفظهما اللّٰه — شكّل المركز الذراع الإنسانية الرئيسة للمملكة، ووجّه جهوده لدعم الشعب الفلسطيني دعمًا نوعيًا ومنهجيًا، حيث أن المملكة العربية السعودية قدّمت لفلسطين أكثر من 5.47 مليار دولار من خلال 312مشروعًا، منها 531مليون دولار نفّذها المركز عبر 141 مشروعًا شملت قطاعات الصحة، والتعليم، والمياه والإصحاح، والإيواء، والأمن الغذائي، والتعافي المبكر، والخدمات اللوجستية، والحماية، وغيرها من المجالات الحيوية التي يحتاجها الإنسان ليواصل حياته بكرامة وأمان.
وقد حرص المركز، خلال الأزمة الأخيرة، على تنفيذ جسر جوي وبحري مستمر لإيصال آلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية والإيوائية، إضافة إلى التنسيق مع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، واليونيسف، والأونروا، وبرنامج الغذاء العالمي، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، وفق أعلى المعايير المهنية والإنسانية، والبرامج الموجهة بشكل مباشرة للشباب الفلسطيني، بما فيها برامج التدريب المهني، والدعم النفسي، وتمكين المبادرات التطوعية، وتعزيز فرص التعليم في القطاعات الأكثر تضررًا.
وأوضح “إننا في مركز الملك سلمان للإغاثة نؤمن أن مرحلة ما بعد النزاع لا ينبغي أن تُختزل في إعادة بناء المنازل والطرقات فحسب، بل يجب أن تبدأ بإعادة بناء الإنسان، ومنحه القدرة على استعادة دوره الطبيعي في أسرته ومجتمعه. ولهذا، فإن رؤيتنا لمرحلة التعافي تعزز من دعم الصحة النفسية للشباب الشابات، وإعادة إدماجهم في التعليم، وتمكينهم بالمهارات التقنية والمجالات الحديثة، وخلق فرص اقتصادية مستدامة لهم، وإشراكهم في خطط إعادة الإعمار وبناء مجتمعهم، بما يضمن أن تعكس تلك الخطط على احتياجات المجتمع الحقيقية وتطلعاته، وفي ضوء ذلك، فأنن في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، نؤكد على أهمية الانتقال إلى نموذج شامل للتعافي والاستجابة المستدامة، ونموذج يقوم على توطيد الشراكات الدولية، وتعزيز المشاركة المحلية، وتفعيل الدور المركزي للشباب والشابات في عمليات البناء وعادة الاعمار والدمج المجتمعي والتمكين الاقتصادي، ولعل إحدى أهم الخطوات التي نراها ضرورية في هذا المسار تتمثل في إنشاء برامج ومشاريع تُعنى ببناء قدرات الشباب والشابات من المجتمع الفلسطيني، وتعزيز مشاركتهم في التنمية، وإيجاد مسارات عملية لهم في التدريب، والتعليم التقني، وريادة الأعمال، إلى جانب مبادرات تهتم بالصحة النفسية والاجتماعية لمعالجة الآثار العميقة التي خلّفتها الصدمات المتكررة.”
وجدد الدكتور الزهراني التأكيد على أن المملكة العربية السعودية ستظل راسخة في التزامها تجاه الشعب الفلسطيني، وستواصل عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والاعمال الإنسانية دعمها الإنساني والإغاثي والتنموي، وفق نهج يستند إلى المهنية الإنسانية والعدالة والحياد، ويضع الإنسان في قلب كل تدخل. وإن تمكين فئة الشباب الفلسطيني في هذه المرحلة الحساسة ليس فقط ضرورة إنسانية، بل هو استثمار حقيقي في مستقبل فلسطين واستدامة سلامها وتنميتها.
وأبدى تطلعه إلى وجود إطار مشترك يجمع شركاء العمل الإنساني تحت مظلة الإنسانية وذلك لإيجاد ولإطلاق برامج منهجية لتعزيز قدرات الشباب الفلسطيني، وتأسيس مسارات للتعافي النفسي والاجتماعي والاقتصادي، ودعم منظومة التعليم المتضررة، وتعزيز فرص العمل والتنمية الاقتصادية للشباب والشابات، بما يضمن مشاركتهم الفعالة في إعادة بناء مجتمعهم وتحقيق الاستقرار المستدام.
(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى