جدة (يونا) – نظَّم اتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي (يونا)، اليوم الأربعاء، ورشة عمل افتراضية بعنوان “خصائص استخدام الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية”، وذلك بالتعاون مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ووكالة أنباء سبوتنيك الروسية، ووسط مشاركة واسعة من الإعلاميين في الدول الأعضاء.
وفي مستهل الجلسة الافتتاحية للورشة، أوضح المدير العام للاتحاد سعادة الأستاذ محمد بن عبدربه اليامي أنَّ الورشة تهدف إلى استكشاف أوجه التداخل بين مجالين حيويين في العمل الإعلامي، هما: اللغة العربية، والذكاء الاصطناعي الذي بات بمثابة الأداة المساعدة التي يتزايد حضورها يوماً بعد يوم في حياة الصحفيين، تساعدهم في كتابة النصوص وإنشاء الصور، وتختصر عليهم الكثير من الوقت والجهد.
وأشار اليامي في كلمته، التي ألقاها بالنيابة عنه المستشار الإعلامي في الاتحاد الزبير الأنصاري، إلى أنَّ اللغة العربية لا تزال متأخرة عن نظيراتها العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما ينبغي الإسراع في معالجته، ليتاح للغة العربية، وهي اللغة الدينية والروحية للعالم الإسلامي، الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي للغات.
وأعرب اليامي عن تطلُّعه إلى أنْ تسهم هذه الورشة في سد بعض الثغرات في مجال اللغة العربية، والذكاء الاصطناعي، وتعزيز قدرات الجيل الحالي من الصحفيين في العالم الإسلامي في مجال توظيف الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة لغوية مساعدة، مقدماً شكره للمجمع ووكالة أنباء سبوتنيك، نظير حرصهما على مشاركة خبراتهما مع الصحفيين في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي.
من جانبه، أكد رئيس قطاع الحوسبة اللغوية في مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية سعادة الأستاذ الدكتور عبدالله بن يحيى الفيفي، أنَّ التطورات المتسارعة في مجال توظيف الذكاء الاصطناعي في المجالين اللغوي والإعلامي يحتم علينا إقامة مثل هذه اللقاءات العلمية لمناقشة آليات الاستفادة المثلى من هذه التقنيات، وتوظيفها لخدمة الأهداف اللغوية والإعلامية السامية، وتبادل الخبرات ومواكبة التحولات وابتكار الحلول المناسبة للتحديات.
وأوضح الفيفي أنَّ مشاركة المجمع في هذا اللقاء تأتي امتداداً لرسالته العالمية وجهوده المستمرة في حوسبة العربية وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتي أثمرت عدة مشاريع ومبادرات أطلقها المجمع من أجل خدمة اللغة العربية بالتقنيات الحديثة، وتمكين الباحثين، وتهيئة البيئة المناسبة لهم.
وأشار الفيفي في هذا السياق إلى “منصة فلك للمدونات اللغوية” التي توفر مصادر لغوية للباحثين والمختصين وأدوات حاسوبية لتحليلها، و”منصة سوار للمعاجم” اللغوية التي تهدف إلى رقمنة المعاجم وإيصالها للمستفيدين وفق معيارية عالمية، كذلك مؤشر بلسم لقياس نضج تقنيات الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية، ومرصد حوسبة العربية لمتابعة مستجدات الحوسبة اللغوية في ثمانية مجالات مختلفة، إضافة إلى مركز متخصص في المجمع للحوسبة اللغوية وهو “مركز ذكاء العربية.
عقب ذلك، قدَّم رئيس المدونات اللغوية في مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبدالله الحربي المحور الأول للورشة المتعلق بـ”الذكاء الاصطناعي وبناء المحتوى العربي”.
وفي استعراض شامل، تناول الحربي مختلف القضايا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة، مع التركيز على تطبيقات ونماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وما نتج عنها من تحول كبير في إنتاج اللغة.
وتطرَّق الحربي إلى جانب من التحديات التي تواجهها اللغة العربية في مجال الذكاء الاصطناعي، لافتاً الانتباه في هذا الصدد إلى الغنى الصرفي والاشتقاقي للغة العربية، وما تتسم به من “تشكيل” قد تجد الآلة صعوبة في التعاطي معه، إضافة إلى ما تتميز به العربية من ازدواجية لغوية وتعدد في اللهجات، وقلة الموارد الرقمية مقارنة بغيرها من اللغات.
واستعرض الحربي أبرز نماذج اللغة الكبيرة (LLM) الشائعة حالياً في مختلف أنحاء العالم، مشيراً على وجه التحديد إلى “النماذج المغلقة التجارية” مثل “ChatGpt” و”Gemeni”، و”النماذج العامة مفتوحة المصدر”، و”النماذج العربية المخصصة”، موضحاً المزايا والمشكلات المرتبطة بكل نوع من هذه النماذج، ومقدماً آليات التعامل مع النماذج اللغوية وهندسة المطالبات بحيث تقدم هذه النماذج محتوى دقيقاً.
وتطرَّق الحربي إلى بعض التحديات المتعلقة بالمحتوى العربي المولَّد بالذكاء الاصطناعي، وذلك من قبيل التسطيح الأسلوبي، وتكرار المعلومات دون وعي، إضافة إلى ما يعرف بـ”الهلوسة” وتوليد معلومات غير صحيحة.
وكشف الحربي عن جانب من دور مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في مواجهة هذه التحديات وتعزيز المحتوى العربي من خلال الذكاء الاصطناعي.
وفي ختام عرضه، تطرَّق الحربي إلى أبرز التوجهات المستقبلية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي واللغة العربية، داعياً في هذا الصدد إلى بناء مدونات لغوية عربية نوعية ومتوازنة، وتصميم أدوات تقييم معيارية، إضافة إلى تعزيز توليد المحتوى بالاعتماد على مصادر موثوقة، وإشراك الإنسان في ضبط وتوجيه النموذج.
عقب ذلك، قدَّم رئيسا التحرير في القسم العربي بوكالة أنباء سبوتنيك وسيم سليمان، ويزن عجوز المحور الثاني للورشة المتعلق بـ”خصائص استخدام الذكاء الاصطناعي في الوسائط الإعلامية الناطقة باللغة العربية”.
وأوضح سليمان وعجوز أنَّ استخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام تتمثَّل في تحليل البيانات وتوقعات الجمهور، والتحقُّق من الأخبار، والتفاعل مع الجمهور، مشيرين إلى أنَّ استخدام الذكاء الاصطناعي في وكالة “سبوتنيك” يشمل مختلف الجوانب التحريرية، والإبداعية، والخدمية.
وقدَّم الخبيران بعض الأدوات التقنية المساعدة للصحفيين في تفريغ نصوص مقاطع الفيديو، وإنتاج الصور وتحسين جودتها، واستنساخ الصوت، وكيفية استخدامها بطريقة فعالة.
كما تطرقا خلال عرضهما إلى كيفية استثمار الذكاء الاصطناعي من الناحية التحريرية، سواءً من حيث توليد النصوص وترجمتها وتلخيصها، أم من حيث إنتاج الفيديوهات، وتسريع إعداد وتنفيذ العملية التحريرية.
يذكر أنَّ الورشة تأتي في إطار التعاون بين الاتحاد وكل من مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ووكالة أنباء سبوتنيك لتعزيز صناعة المحتوى العربي باستخدام الذكاء الاصطناعي، مع تعزيز وعي الإعلاميين في وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية بكيفية الاستفادة من مصادر وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
(انتهى)



