ماليه (يونا) – بحضور نائب رئيس جمهورية المالديف حسين محمد لطيف، انطلقت اليوم الثلاثاء في ماليه بالمالديف أعمال الملتقى الدولي الأول لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في قطاع السياحة، الذي تُنظمه المملكة العربية السعودية بالشراكة مع جمهورية المالديف، وبالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، وبمشاركة رفيعة من الدول الأعضاء، وبحضور منظمات دولية متخصصة في مكافحة الفساد.
وفي مستهل الجلسة الافتتاحية للملتقى، رحب رئيس هيئة مكافحة الفساد في جمهورية المالديف آدم شامل بالمشاركين، مؤكداً أنَّ استضافة بلاده لهذا المؤتمر المهم بالشراكة والتعاون الوثيق مع السعودية ممثلة بهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) لهو شهادة قوية قوية على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين، كما يعكس الإدراك المشترك لأهمية تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في شتى القطاعات، وخاصة قطاع السياحة الذي يمثل رافداً مهماً لاقتصادنا.
وأشار إلى أنَّ اختيار قطاع السياحة محوراً رئيساً لهذا الملتقى يعكس الأهمية المتزايدة لهذا القطاع في التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي العالمي، لافتاً إلى أنَّ تعزيز النزاهة والشفافية في هذا القطاع يسهم بشكل كبير في بناء بيئة استثمارية جاذبة ومستدامة، ويعزز الثقة لدى المستثمرين والسياح على السواء.
وأعرب شامل عن شكره للسعودية ممثلة في هيئة نزاهة على هذا التعاون المثمر والشراكة القيمة في تنظيم هذا الملتقى المهم، متمنياً لأعمال الملتقى النجاح والتوفيق في تحقيق أهدافه المرجوة.
من جانبه، أوضح رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية مازن بن إبراهيم الكهموس أنَّ الملتقى يأتي في إطار تنفيذ القرار الصادر عن الدورة الخمسين لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، معرباً عن شكره لحكومة جمهورية المالديف ولجهاز هيئة مكافحة الفساد فيها على مشاركة المملكة في تنظيم هذا الملتقى لتبادل الرؤى وأفضل الممارسات في مواجهة تحديات الفساد والخروج برؤية شاملة للتغلب على تلك التحديات.
وقال الكهموس: إن “الاجتماع يعكس إدراكنا لخطورة الفساد على قطاع السياحة والذي يعد رافداً ومحركاً اقتصادياً أساسياً في الناتج المحلي لدولنا ولتحسين جودة الحياة وتحقيق النمو الاقتصادي وتهيئة فرص العمل وتعزيز جاذبية الاستثمارات المحلية والأجنبية”.
ورحَّب الكهموس بالجهود المبذولة لاعتماد مبادئ رفيعة المستوى لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في قطاع السياحة كأحد مخرجات هذا الملتقى، معرباً عن أمله في أن توفر هذه المبادئ إطاراً توجيهيا وإرشادياً لكافة الدول والمنظمات الدولية المهتمة بتعزيز ثقافة النزاهة والشفافية والمساءلة في قطاع السياحة.
كما رحَّب بالجهود المبذولة لإعداد أوراق عمل وأدلة لأفضل الممارسات لتعزيز النزاهة في قطاع السياحة، معرباً عن تطلعه إلى أنْ تؤسس تلك الجهود لمرحلة جديدة تتسم بأعلى درجات الشفافية والنزاهة في قطاع السياحة في بلداننا.
وأضاف أنه “انطلاقاً من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بتحقيق رؤية المملكة 2030 بأن تكون المملكة نموذجاً ناجحاً ورائداً في العديد من المجالات من بينها مكافحة الفساد، فقد تبنَّت المملكة هذا الملتقى تحت شعار “تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد في قطاع السياحة” مؤملين أنْ نخرج كدول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ودول صديقة ومنظمات دولية ذات صلة برؤية مشتركة ومستقبل أكثر إشراقاً وعدلاً ونزاهة واستدامة في قطاع السياحة، لا سيما وأنَّ هذا الموضوع لم يحظَ بالقدر الكافي من البحث والدراسة على المستوى الدولي”.
وأكد الكهموس أنَّ الأجهزة المختصة بمكافحة الفساد ووزارات السياحة والمنظمات الدولية وأصحاب المصلحة لديها فرص حقيقية لمواصلة العمل المشترك وتبادل الخبرات والتجارب لإحداث أثر ملموس في تطوير قطاعاتنا السياحية وتحويلها إلى أنموذج يُحتذَى به في النزاهة والشفافية بما يعزز الثقة ويدعم أهداف التنمية المستدامة.
بدوره، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه إنَّ الملتقى يُجسد الإرادة الصادقة التي تُحرك دولنا الأعضاء لمكافحة الفساد، والتي تُوجت باعتماد اتفاقية مكة المكرمة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بشأن التعاون في مجال تطبيق قوانين مكافحة الفساد.
وأشاد طه بالالتزام القوي من قبل الدول الأعضاء في هذا المجال، مبيناً أن هذا الالتزام ظهر من خلال مشاركتها الواسعة في الاجتماعين الوزاريين الأول والثاني للجهات المعنية بتطبيق قوانين مكافحة الفساد، واللذين عُقدا على التوالي في جدة بالمملكة العربية السعودية، وفي الدوحة بدولة قطر.
وأشار إلى أن ميثاق المنظمة يشدد بوضوح على أهمية مكافحة الفساد كأحد الأهداف الرئيسة لمنظمة التعاون الإسلامي، منوهاً في هذا السياق بالتعاون المثمر بين المملكة العربية السعودية وجمهورية المالديف، والذي أتاح تنظيم هذا الملتقى الدولي المهم الذي ستُسهم توصياته بلا شك في تعزيز التعاون في هذا المجال الحيوي.
ودعا طه إلى أنْ تُولي هذه الشراكة اهتماماً خاصاً بالمبادرات التي تُعزز السياحة الإسلامية، وتحافظ على التراث الطبيعي والثقافي، وتمكن المجتمعات المحلية، مؤكداً أن توصيات الملتقى ستحظى بكامل الاهتمام من قبل الأمانة العامة التي ستتابع تنفيذها لما فيه خير ومصلحة جميع دولنا الأعضاء.
وخلال كلمتها التي ألقتها عبر الفيديو، أكدت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة غادة والي أنَّ السياحة هي محرك قوي للنمو الاقتصادي، فهي تخلق الوظائف، وتجذب الاستثمار الأجنبي، وتدعم الأعمال المحلية، لافتة إلى أنه مع ذلك فإن السياحة مثلها مثل أي قطاع اقتصادي كبير عرضة للفساد.
وأشارت إلى أنَّ ممارسات مثل المحسوبية والرشوة وتزوير عمليات المناقصة يمكن أن تضر بسمعة الصناعة والاستدامة على المدى الطويل.
وشددت والي على أنه لهذا السبب لا بد أن نعزز النزاهة والمساءلة في جميع المستويات، من التحصيل المحلي إلى الشراكات العالمية، وموضحة أنَّ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تعطينا الأدوات لفعل ذلك، فهي تتيح إطاراً متعدد الجوانب والقدرات لتحديد المخاطر، وسدِّ الثغرات، وتعزيز التشريعات.
وأكدت أنه لكي تكون الاتفاقية فعالة، فإنه لا بدَّ أنْ نضمن تنفيذها الكامل، بما يشمل تزويد آليات الرقابة المستقلة بالأدوات لتقييم المخاطر وفرض المساءلة.
وحثت والي البلدان على العمل معاً عبر الحدود ونطاقات الصلاحيات القضائية لتبادل المعلومات ودفع التحقيقات قدماً، لافتة إلى أنَّ “شبكة غلوب إي” تضطلع بدور حيوي في هذا الجانب، وذلك بربطها بين أكثر من 230 هيئة من 126 دولة لتبادل المعلومات وإيجاد الشراكات الموثوقة.
ونوَّهت بالدور القيادي للمملكة العربية السعودية والمالديف في عقد هذا الملتقى والتزامهما بتعزيز النزاهة والتعاون الدولي، مشددة على أنه بالعمل سوية يمكننا أن نضمن أنَّ السياحة ستظل محركاً للنمو الشامل، والاستثمار المسؤول، والتنمية المستدامة المتجذرة في الشفافية والثقة العامة.
وفي ختام الجلسة الافتتاحية، أكد نائب رئيس جمهورية المالديف حسين محمد لطيف إن الملتقى هو أكثر من فعالية احتفالية، فهو منتدى حيوي للتصدي للحقائق الملحة التي نواجهها، وتبادل الحلول العملية، وصياغة إطار عام ومشترك من أجل مكافحة الفساد.
وأكد أن عنوان الملتقى جاء في الوقت المناسب، فالسياحة هي القلب النابض لاقتصادنا وذلك بجذبها للاستثمارات الأجنبية، ودعمها آلاف الأسر، وتعزيزها للتراث الثقافي، وفتحها آفاقاً من أجل تحقيق التنمية، لكن حتى تكون هذه التنمية مستدامة فإنه ينبغي أن تكون أخلاقية وشاملة وشفافة.
وحذَّر لطيف من أنَّ الفساد يقوض بيئة الاستثمار، ويقتل الإبداع، ويضر بالثقة العامة والموارد والبنية والتحتية، لافتاً إلى أنه في قطاع مثل السياحة فإن المخاطر تكون عالية للغاية، ولهذا ينبغي أنْ نبني أنظمة تعزز أولئك الذين يبلغون الفساد، وكذلك حماية أولئك الذين يصرحون بحالات الفساد.
وشدد على أنَّ الفساد في قطاع السياحة لا يضعف اقتصاداتنا فقط، ولكنه يؤثر على حياة الناس، ويقلل الفرص، ويعمق عدم المساواة، ويضر بالصورة العالمية وسمعتنا بشكل عام، مشدداً على أن النزاهة أساسية من أجل بناء الثقة للمستثمرين، وتعزيز السمعة العالمية، خاصة من أجل الإيقاء على وضعنا بوصفنا وجهة سياحية بارزة.
وأكد على أنَّ السياسات الواضحة والرقابة الفاعلة والآليات التي يمكن من خلالها تنفيذ هذه السياسات كلها ممارسات ينبغي أن يتم تطويرها بشكل مستمر، داعياً إلى تجسيد روح جديدة من التصميم والتعاون لبناء قطاع سياحة قوي ومربح، يقوم على المبادئ، ويكون بداية جديدة ومستدامة لأجيالنا المقبلة.
وشهد اليوم الأول للملتقى عقد أربع جلسات تحدث فيها عدد من مسؤولي الدول المشاركة وممثلي المنظمات الدولية، وركزت على بحث مخاطر الفساد الرئيسية في قطاع السياحة.
كما جرى خلال الجلسات تسليط الضوء على الاستراتيجيات الوطنية والعالمية لمعالجة هذه المخاطر، وذلك بهدف توفير رؤى حول التحديات القائمة، واقتراح حلول عملية للحد من الفساد في هذا القطاع الحيوي.
وتستمر أعمال الملتقى غداً الأربعاء حيث من المتوقع أنْ يصدر في ختام أعماله “المبادئ رفيعة المستوى بشأن مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في قطاع السياحة”.
(انتهى)



