فلسطين

توسع استعماري إسرائيلي غير مسبوق في الضفة الغربية على امتداد العام الماضي

الضفة الغربية (يونا/وفا) – صعدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة نتنياهو، ووزرائه المتطرفين برئاسة سموتريتش وبن غفير من هجومها الاستعماري غير المسبوق في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، بحيث استولت على مساحات واسعة من الأراضي في المنطقتين (ج) و (ب)، وحاصرت المواطنين الفلسطينيين في معازل.

وقال تقرير أعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، اليوم السبت، إن الاحتلال يحاصر المدن والقرى والبلدات والمخيمات بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية والبوابات الحديدية، ليس فقط على المداخل، بل وبين هذه البلدات والقرى ومجالها الحيوي في الريف الفلسطيني.

وأضاف أن وصول المزارعين الفلسطينيين إلى أراضيهم وحقولهم أصبح محفوفا بالمخاطر، خاصة بعدما نشر المستعمرون بؤرهم الاستعمارية ومزارعهم الرعوية على نطاق واسع في محيط هذه البلدات والقرى، وبعد أن نشر الاحتلال، حسب معطيات الأمم المتحدة، أكثر من 849 حاجزا عسكريا يتولى أمرها جيش من المستعمرين في قوات الاحتياط بالجيش.
وبحسب التقرير فإن مساحة الأراضي الفلسطينية، التي يتحرك فيها المزارعون الفلسطينيون تقلصت على نحو كبير، أما المجال الحيوي للمستعمرات فقد توسع على شكل غير مسبوق، ليشمل الأراضي المشجرة بغابات الزيتون، والأراضي الرعوية، وينابيع المياه كذلك.

وأكد أن مساحة الأراضي الرعوية، التي كان المواطنون الفلسطينيون يستفيدون منها لرعي أغنامهم ومواشيهم ضاقت، وأدى ذلك لتقلص الثروة الحيوانية الى حد بعيد، أما الينابيع، التي كانوا يعتمدون عليها في سد فجوة النقص في المياه لاستخداماتهم المنزلية أو لسقاية مواشيهم، فقد حولها المستعمرون الى مسارات للتنزه أو إلى برك سباحة.
فضلا عن ذلك تمضي حكومة الاحتلال في توفير كل ما يلزم لمشروع السطو على أراضي الفلسطينيين، لفائدة مخططاتها ومشاريعها الاستعمارية.

وأفاد التقرير بأن الجهاز المركزي الفلسطيني لإحصاء لخص في أحدث تقرير صدر عنه الأسبوع الماضي سياسة السطو على الأراضي الفلسطينية، مؤكدا أن الاحتلال أصدر خلال العام 2024 نحو 35 أمرا بوضع اليد على حوالي 1,073 دونما، وخمسة أوامر استملاك لحوالي 803 دونمات، و9 أوامر إعلان أراضي دولة لحوالي 24,597 دونما، و6 أوامر تعديل حدود محميات طبيعية.

واستولى الاحتلال من خلالها على حوالي 20,000 دونم، وذلك ضمن السياسة الممنهجة والمستمرة للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين كافة.

وعلى الصعيد الأممي، أكدت الأمم المتحدة على لسان المنسقة الخاصة لعملية السلام في الشرق الأوسط بالإنابة سيغريد كاخ، أن التوسع المستمر للمستعمرات الإسرائيلية يغير بشكل كبير المشهد والتركيبة السكانية للضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

وأكدت خلال إحاطتها لمجلس الأمن الدولي بشأن تنفيذ القرار 2334، الذي دعا إسرائيل إلى الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستعمارية في الأرض الفلسطينية المحتلة، أن الفلسطينيين محصورون بشكل متزايد في مناطق متقلصة ومنفصلة، ما يمثل تهديدا وجوديا لإمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة ومستقلة.

وأشارت كاخ إلى أنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير من 7 كانون الأول/ ديسمبر 2024 إلى 13 آذار/مارس 2025، يشير إلى استمرار النشاط الاستعماري بمعدل مرتفع، حيث قدمت إسرائيل أو وافقت على ما يقرب من 10600 وحدة استعمارية في مستعمرات الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك 4920 وحدة في القدس الشرقية.

وفي الوقت نفسه هدمت أو استولت أو أغلقت أو أجبرت الناس على هدم 460 مبنى لفلسطينيين، ما أدى إلى نزوح 576 مواطنا، نصفهم من الأطفال.

وأشار التقرير إلى أن حركة “السلام الآن” الإسرائيلية، وصفت في أحدث تقاريرها، الوضع الجديد على النحو التالي: “يتميز عام 2024 بسياسة تقليص المساحة الفلسطينية في المنطقتين “ج” و”ب” وتوسيع الوجود الإسرائيلي فيهما”.

وأضافت “في الواقع، يشهد هذا العام أكبر تراجع في الوجود الفلسطيني وحقوقه في الضفة الغربية، مع ضعف غير مسبوق في إنفاذ القانون ضد المستعمرين فيما يتعلق بانتهاكات البناء والعنف ضد الفلسطينيين”.

وأوضحت الحركة أن “هذا الوضع يتفاقم بسبب تحويلات الميزانية، وتصاريح البناء، وشرعنة البؤر الاستعمارية، وهي كلها إجراءات غير مسبوقة في تاريخ المشروع الاستعمارية”.

ولفتت إلى أن “هذه السياسة تُنفذ من خلال إنشاء عدد قياسي من البؤر الاستعمارية غير القانونية، وشق طرق غير مسبوق، وارتفاع حاد في عنف المستعمرين، بالإضافة إلى إغلاق الطرق أمام الفلسطينيين، وسجل قياسي في شرعنة البؤر الاستعمارية غير القانونية وتمويلها”.

وأكدت أنه ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو، “تُكمل إسرائيل إنشاء البنية التحتية الإدارية اللازمة لضم الضفة الغربية فعليا إلى إسرائيل، ونقل الصلاحيات من الإدارة المدنية إلى هيئة سياسية ومدنية تحت سلطة الوزير سموتريتش”.

وقالت حركة “السلام الآن”: “أقامت سلطات الاحتلال ما لا يقل عن 59 بؤرة استعمارية جديدة، معظمها بؤر زراعية (مزارع) متورطة في الاستيلاء على الأراضي والتهجير المنهجي للفلسطينيين من المنطقة، وهذا عدد غير مسبوق من البؤر الاستعمارية الجديدة، وللمقارنة، من عام 1996 إلى بداية عام 2023، أُنشئ أقل من 7 بؤر استعمارية في المتوسط كل عام”.

وفيما يتعلق بـ”البؤر الاستعمارية في المنطقة (ب) أشار التقرير إلى أنه ولأول مرة منذ اتفاقيات أوسلو، أُنشئ ما لا يقل عن 8 بؤر استعمارية في المنطقة (ب)، وهذا يعني أن ما لا يقل عن 13% من إجمالي البؤر التي أُنشئت في الضفة الغربية في عام 2024 كانت تقع ضمن هذه المنطقة، وتم شق الكثير من الطرق غير القانونية، التي يزيد طولها عن 114 كيلومترا، لتوسيع المستعمرات والاستيلاء على أراضٍ إضافية.

وأوضح المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، أنه في العام 2024 قرر مجلس وزراء الاحتلال إنشاء وشرعنة 5 مستعمرات جديدة في الضفة الغربية هي: “افيتار المقامة على أراضي محافظة نابلس، وجفعات أساف وسدي إفرايم في محافظة رام الله والبيرة، وأدورايم في محافظة الخليل، وناحال حيليتس في محافظة بيت لحم”.

وقال إن الاحتلال بدأ عملية إضفاء الشرعية على 5 بؤر استعمارية إضافية كـأحياء لمستعمرات قائمة، وأعلنت قوات الاحتلال نيتها توسيع نطاق اختصاص المستعمرات ليشمل البؤر الاستعمارية: “أحيا وبيت إلياهو وبني آدم”، كما تم الاعتراف بـأثر رجعي بنحو 70 بؤرة غير قانونية على أنها مؤهلة للتمويل والبنية التحتية ليصدر سموتريتش في ضوء ذلك تعليماته للوزارات الحكومية والجهات الأخرى بالبدء في تمويل هذه البؤر، بالإضافة إلى بناء مبانٍ عامة فيها، وربطها بالمياه والكهرباء وغيرها من المرافق.

وأضاف التقرير أنه قبل أيام صادق المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) على مقترح قدمه وزير الاستيطان في وزارة جيش الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، يقضي بفصل 13 مستعمرة في الضفة الغربية عن المستعمرات المجاورة لها، والبدء بإجراءات الاعتراف بها كمستعمرات مستقلة.

وتتوزع المستعمرات التي يشملها القرار على عدة محافظات، 4 منها في محافظة رام الله والبيرة هي: “حورشا و”كيرم رعيم” المقامتان على أراضي المزرعة الغربية، و”نريا” المقامة على أراضي قرية دير عمار، و”ميغرون” بين مستعمرتي “عوفرا وبيت إيل”، وواحدة في محافظة نابلس وهي “شفوت راحيل” المقامة على أراضي قريتي جالود وقريوت، وواحدة في محافظة جنين وهي “تال منشية” المقامة على أراضي أم الريحان، و4 في محافظة بيت لحم هي “آلون” و”إيفي” وهناحل” على أراضي قرية كيسان، و”غفعوت”.

وتتموضع اثنتان في محافظة سلفيت هما: “لشم” على أراضي دير بلوط، “نوفي نحميه” على أراضي بلدتي سكاكا وياسوف، وواحدة في محافظة طوباس هي “بروش هبيقاع – بترونوت”.

وبين التقرير أن حكومة الاحتلال تمضي قدما في بناء العديد من الطرق، بهدف توسيع المستعمرات بشكل كبير وزيادة عدد المستعمرين.

وتشمل هذه الأعمال إشادة البنية التحتية على الطريق السريع 60 بين القدس و”غوش عتصيون”، والطريق السريع 437 بين القدس والمنطقة الصناعية “شاعر بنيامين”، وبناء نفق الشيخ عنبر تحت حي الطور في القدس الشرقية كجزء من الطريق الدائري الشرقي، وتعبيد الطريق الالتفافي إلى “لوفون – الطريق السريع 465” بما في ذلك طريق وصول جديد إلى مستعمرة بيت أرييه في محافظة رام الله والبيرة.

وصدرت أوامر استيلاء على أراضٍ لتطوير وتوسيع الطريق السريع 55 بين أراضي عام 48، ومستعمرة “ألفيه منشية” في محافظة قلقيلية، والطريق السريع 505 بين “أريئيل” ومفترق زعترة في محافظة سلفيت، والطريق السريع 60 بين حلحول وسعير في محافظة الخليل.

وقال التقرير إنه تم تخصيص 409 ملايين شيقل لمشاريع استعمارية فريدة بعد تخفيضات شاملة في الميزانية.

ويشمل ذلك مشاريع للحفاظ على الآثار في الضفة الغربية، وترميم حديقة سبسطية في محافظة نابلس، وتدعيم حوض البلدة القديمة (مستعمرة سياحية في القدس الشرقية)، ومشاريع متعلقة بجمعية “إلعاد” الاستعمارية في سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك.

ولتمويل البؤر الاستعمارية والمزارع غير القانونية، خُصص 75 مليون شيقل للبؤر الاستعمارية غير القانونية، منها حوالي 39 مليون شيقل لمزارع الرعاة غير القانونية، والتي تعتبر دفيئات لإرهاب المستعمرين.

وفي السياق، يناقش ما يسمى بـ”المجلس الأعلى للتخطيط والبناء” هذه الأيام الموافقة على بناء 1344 وحدة استعمارية منها 1113 في مستعمرة “معالية أدوميم” ونحو231 في “كوخاف يعقوب” وبهذا يصل مجموع ما هو مطروح على جدول أعمال المجلس الى 11511 وحدة استعمارية منذ بداية عام 2025.

يأتي ذلك في ضوء التغييرات التي أجرتها حكومة نتنياهو-سموتريتش في حزيران/ يونيو 2023 بإلغاء شرط موافقة وزير جيش الاحتلال على كل مرحلة من مراحل تطوير خطة الاستعمار، ففي السابق، كانت كل خطة بناء في المستعمرات تتطلب موافقة مسبقة منه.

وفي الأسابيع الأخيرة، كان هناك تغييرا حيث يجتمع المجلس المذكور أسبوعيا، ويوافق على مئات الوحدات الاستعمارية في كل اجتماع، وبذلك تسعى حكومة الاحتلال إلى تطبيع التخطيط في المستعمرات، وتقليل الاهتمام والانتقادات العامة والدولية.

ونشرت منظمة “كيرم نافوت” الإسرائيلية، التي تعمل على مراقبة وبحث سياسات الأراضي التي تنتهجها قوات الاحتلال في الضفة، وحركة “السلام الآن” المعروفة، مؤخرا تقريرا مشتركا يكشف كيف استولت مجموعة صغيرة من المستعمرين المتطرفين، بدعم من حكومة الاحتلال، على 14% من أراضي الضفة الغربية من خلال إنشاء عشرات المزارع الرعوية (حسب التقديرات نحو 100 مزرعة رعوية)، ما أدى فعليًا إلى تهجير الفلسطينيين من هذه المناطق.

ويسلط التقرير الضوء على كيفية تمكين الحكومة لهؤلاء المستعمرين من خلال تخصيص أراضٍ واسعة النطاق وتمويل ملايين الشواقل.

ويكشف التقرير أن المستعمرين استخدموا المزارع الاستعمارية الرعوية للاستيلاء على ما لا يقل عن 786,000 دونم من الأراضي أي ما يعادل 14% من إجمالي مساحة الضفة الغربية.

ويستخدم المستعمرون الإسرائيليون، بدعم من الحكومة والجيش، ثلاث طرق رئيسية للاستيلاء على الأراضي هي: إنشاء بؤر استعمارية رعوية، وتهجير الرعاة والمزارعين الفلسطينيين من أراضيهم، ومضايقة وترهيب واستهداف التجمعات الفلسطينية المجاورة، لإجبارهم على النزوح، والاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضي التجمعات الفلسطينية النازحة وإقامة بؤر استعمارية جديدة.

وبهذه الأساليب، هجّر المستعمرون أكثر من 60 تجمعا رعويا فلسطينيا، وأقاموا العديد من البؤر والمزارع الاستعمارية على أراضيهم.

وحسب التقرير، يُظهر تحليل الأراضي التي استولى عليها المستعمرون أن غالبيتها غير مُصنّفة كـأراضي دولة، حتى وفقًا لتعريفات إسرائيل نفسها.

وقد صنّف جيش الاحتلال حوالي 41% من الأراضي المُستولَى عليها كـمناطق إطلاق نار، وهي مناطق مُقيّدة يُمنع فيها رسميا دخول المدنيين غير المقيمين الدائمين، إضافةً إلى ذلك، يقع حوالي 4.4% من الأراضي التي استولى عليها المستعمرون من خلال البؤر الاستعمارية الراعية ضمن المنطقتين “أ” و”ب”، الخاضعتين لسلطة السلطة الوطنية.

ويتجاوز دعم الحكومة الإسرائيلية لهذه المزارع الرعوية كل هذا باعتماد نظام مالي يحول عشرات الملايين من الشواقل سنويًا إلى هذه البؤر غير القانونية، منها على سبيل المثال عشرات ملايين الشواقل في إطار بند الميزانية “للاحتياجات الأمنية” فضلا عن تمويل تعبيد الطرق، والألواح الشمسية، والبوابات الكهربائية، والمركبات، والطائرات المسيّرة، والكاميرات، والمولدات، وأعمدة الإنارة ومثلها لوحدات الدوريات.

وتمول حكومة الاحتلال أيضا الرواتب والمعدات والمركبات والطائرات المُسيَّرة والتصوير الجوي، ومشاريع البنية التحتية، بما في ذلك بناء الطرق والأسوار، وتركيب الكاميرات والبوابات الكهربائية وغيرها من المنح، كمنح الرعي ومنح ريادة الأعمال فضلا عن ملايين الشواقل التي تضخها حركة “آمانا” الاستعمارية في دعم البؤر الاستعمارية المرتبطة بالعنف ضد الفلسطينيين، وملايين الشواقل التي ينفقها “الصندوق القومي اليهودي” على البؤر الرعوية، تحت ستار تمويل برامج تطوعية لدعم الشباب المعرضين للخطر.

(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى