فلسطين

إسرائيل تستهدف الاقتصاد الفلسطيني.. 793 حاجزا و51% نسبة البطالة و797 مليون دولار يقتطعها الاحتلال من الموازنة

جدة (يونا) – يشهد الوضع الاقتصادي الفلسطيني انهياراً كارثياً منذ العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 على قطاع غزة، وتداعياته على الضفة الغربية.

واستناداً للتقديرات الأخيرة لمركز الاحصاء الفلسطيني، فقد سجل الاقتصاد الفلسطيني تراجعاً حاداً بنسبة الثلث مقارنة بما كان عليه قبل العدوان. وحيث أن سياسة دولة الاحتلال، قائمة على فرض واقع جديد باستخدام وسائل الإبادة الجماعية وسياسة الأرض المحروقة لإنهاء الوجود الفلسطيني من كامل الأرض المحتلة وتحقيق الأطماع التوسعية.

وبحسب المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، تمثلت إحدى هذه الوسائل في خنق الفلسطينيين اقتصادياً من خلال إدخال الاقتصاد في أزمات متلاحقة لإضعافه والقضاء عليه.

ومن أبرز تلك الوسائل، المماطلة في توريد مستحقات السلطة الوطنية لتصبح عاجزة عن دفع مستحقات موظفيها، مروراً بمنع التصاريح عن العمالة الفلسطينية واستبدالها بجنسيات أخرى، بالإضافة إلى تشديد القيود على الحركة التجارية ومنع حرية تنقل الفلسطينيين من خلال الحواجز وجدار الفصل العنصري.

ووفقاً لتقرير البنك الدولي الصادر في ديسمبر العام الماضي، أدت الأزمات في القطاعات الحيوية إلى انكماش الاقتصاد في الضفة الغربية بنسبة 23% خلال النصف الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وخلال هذه الفترة، انخفض قطاعا التجارة والخدمات، اللذان يعدان المحركين الأساسيين للنمو في الضفة الغربية، بنسبة 22% و23% على التوالي. فيما شهد قطاعا البناء والتصنيع أكبر التراجعات، حيث انخفض قطاع البناء بنسبة 42%، بينما تراجع قطاع التصنيع بنسبة 30%.

وعلى ضوء بيانات وزارة المالية الفلسطينية فإن الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة تحت مسمى مخصصات قطاع غزة، قد قاربت 2.83 مليار شيقل (797 مليون دولار) منذ بداية الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر 2023، وحتى أغسطس2024، بمتوسط 257 مليون شيكل شهريا (72 مليون دولار)، إذ تقتطع إسرائيل هذه الأموال كخطوة عقابية لرفض السلطة الوطنية الفلسطينية وقف صرف مخصصات قطاع غزة، خاصة رواتب موظفي الحكومة وعلى رأسهم موظفو الصحة والتعليم.

وبلغ إجمالي ما تحتجزه اسرائيل حوالي 7 مليارات شيكل (1.97مليار دولار) من أموال المقاصة.

وتعتبر المقاصة الفلسطينية لدى دولة الاحتلال، هي الإيرادات الضريبية والرسوم والجمارك المفروضة على السلع والبضائع المستوردة إلى فلسطين، أو عبر إسرائيل والمعابر والحدود حسب اتفاقية أوسلو.

وعلى صعيد وضع القوى العاملة الفلسطينية بالداخل الاسرائيلي، فقد فرضت إسرائيل إجراءات انتقامية تمثلت في تقليص العدد الاجمالي لليد العاملة من  177,000 إلى 27,000 فقط كما ورد في تقرير البنك الدولي، وأدى ذلك لارتفاع معدلات البطالة إلى 80% في قطاع غزة، و35% في الضفة الغربية، ما نتج عنه ارتفاع غير مسبوق في معدل البطالة في كامل فلسطين، حيث بلغ 51% طبقاً للتقرير الأخير لمركز الاحصاء الفلسطيني.

وذكرت وزيرة العمل الفلسطينية الدكتورة ايناس العطاري أن تسريح العمالة الفلسطينية من سوق العمل الإسرائيلي أثر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني، حيث تسبب بفقدان تدفق مالي شهري يقارب 1.5 مليار شيكل (423 مليون دولار).

وفي إطار آخر، خلص تقرير نشرته شبكة السياسات الفلسطينية بعنوان “تسخير إسرائيل للعمالة الفلسطينية: استراتيجية تمحو الوجود” بأن النظام المحتل اتبع أربعة أساليب رئيسية من أجل ترسيخ تبعية اليد العاملة الفلسطينية، من خلال تشغيل العمال الفلسطينيين في أعمال متدنية الأجور بشكل حصري عند الحاجة لسد الفجوات، ومن ثم التركيز على تشغيل الفلسطينيين في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء بشكل يضمن حدوث عجز خطير في الأيدي العاملة في النظير الفلسطيني، كون تلك القطاعات، خاصة الزراعة والصناعة، ضرورية لتحقيق الاكتفاء الاقتصادي الذاتي. فيما يأتي الأسلوب الثالث ضمن التوسع في بناء المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية، وبذلك تُنمي إسرائيل اقتصادها وفي الوقت نفسه تتسبب في انكماش الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاستيلاء على الأراضي.

أما الأسلوب الرابع فكان في سحب تصاريح العمل حينما تنتفي الحاجة إلى العامل الفلسطيني أو حين يشاء المحتل فرض عقوبة جماعية على السكان الأصليين، ليعود العمال إلى القطاعات الفلسطينية التي جففها الاحتلال أصلاً ومن ثم استبدالهم بعمال أجانب.

ولم يتوقف العقاب الجماعي الإسرائيلي عند حدود الإضرار المباشر في الاقتصاد الفلسطيني، فوفقا لتقرير مكتب التنسيق الإنساني (أوتشا) هناك 793 حاجزا وعائقاً للحركة تتحكم في حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث وثق “أوتشا” هذه العوائق التي تشمل 89 حاجزاً مجهزاً بالموظفين على مدار الساعة؛ 149 حاجزاً جزئياً غير مجهز بالموظفين دائماً (46 منها تحتوي على بوابات)؛ 158 كومة ترابية؛ 196 بوابة طرق (122 منها مغلقة عادة)؛ 104 كتل طرق؛ و97 إغلاقاً خطياً لكل منها يحجب طريقاً أو أكثر، مثل حواجز الطرق، والجدران الترابية، والخنادق. وما لا يقل عن %40 (316 من 793) من عوائق الحركة تمنع الوصول المباشر بين المدن والقرى الفلسطينية، حيث يوجد متوسط ما يقرب من إغلاق واحد لكل كيلومتر.

وتوجه هذه العوائق حركة المرور الفلسطينية نحو شبكات طرق ثانوية أطول، مما يعطل حركة مئات الآلاف من الفلسطينيين ويؤثر سلباً على حياتهم اليومية.

يذكر أن 85% من الجدار الفاصل يمتد داخل الضفة الغربية، مما يعيق الوصول من وإلى القدس المحتلة والمناطق المسماة “منطقة التماس” الواقعة بين الجدار وخط الهدنة 1949.

وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى الأراضي الزراعية؛ حيث يوجد 150 مجتمعاً يملكون أراضٍ معزولة بواسطة الجدار والتي كان الوصول إليها منظماً سابقاً بواسطة القوات الإسرائيلية من خلال 69 بوابة زراعية، فقد تم منعهم عموماً من العمل في أراضيهم منذ أكتوبر 2023، مما أدى إلى خسائر كبيرة في الدخل، خاصة من بساتين الزيتون والمحاصيل الموسمية الأخرى.

وتعمل إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، على تصفية الوجود الفلسطيني بكل الوسائل عبر استخدام سياسة الأرض المحروقة وهو ما يتفق مع ما خلصت إليه مقررة الأمم المتحدة المستقلة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز في التقرير الذي قدمته إلى الجمعية العامة في أكتوبر العام الماضي، حيث ذكرت أن إسرائيل تعمل على هدف محو الفلسطينيين؛ ونظامهم السياسي بأكمله لتتجه نحو تحقيق الهدف.

(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى