أخبار الاتحادمنظمة التعاون الإسلامي

منظمة التعاون الإسلامي تستضيف ندوة دولية عن القدس وحرب غزة

جدة (يونا) – انطلقت اليوم الاثنين أعمال الندوة الدولية “القدس وحرب غزة: الهوية والوجود الفلسطيني مهددان بالطمس”، وذلك في مقر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة.

وعُقِدَت الندوةُ بتنظيمٍ مشتركٍ من الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي ولجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، وذلك لتسليط الضوء على سياسات الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة في التهجير القسري ومصادرة ممتلكات الشعب الفلسطيني في مدينة القدس من خلال تكثيف سياسة التهويد، ووضعها في سياق أوسع ضمن الإجراءات غير القانونية المماثلة في أماكن أخرى من الأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة في ضوء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.

وفي مستهل الجلسة الافتتاحية للندوة، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه أنَّ الندوة تحمل دلالاتٍ سياسيةٍ مهمة لاسيما التأكيد على المكانة المركزية لهذه القضية لدى منظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة، والتعبير عن الالتزام المشترك بمواصلة جهودنا الفاعلة والملموسة من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة.

وعبَّر طه عن خالص التقدير للمملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، على دورها الرائد في مساندة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وعلى كافة مبادراتها ومواقفها الداعمة لقضايا الأمة الإسلامية جمعاء.

وأشار طه إلى أن الاجتماع ينعقد في وقت نستشعر فيه جميعاً خطورة الأوضاع التي تكابدها مدينة القدس المحتلة، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وأهلها المرابطين، وهويتها العربية، من خلال سياسات الاستيطان، ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل، وبناء جدار الفصل العنصري، والاعتداء على المصلين المسلمين والمسيحيين، وغيرها من الإنتهاكات الخطيرة.

وجدد طه التاكيد، في هذا الصدد، على أن مدينة القدس الشريف، عاصمة دولة فلسطين، هي جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967م، وأن كل السياسات والإجراءات الاسرائيلية غير قانونية وغير شرعية وتشكل اعتداء على الحقوق السياسية والتاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني، وتجسد إنتهاكا صارخا  لسيادة القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

كما جدَّد التأكيد على موقف المنظمة المبدئي بإدانة العدوان العسكري الإسرائيلي المفتوح على قطاع غزة منذ أكثر من ثمانية أشهر، معرباً عن حيبة الأمل تجاه فشل مجلس الأمن الدولي في إلزام اسرائيل، قوة الإحتلال، بتنفيذ قراراته التي تدعو إلى الوقف الفوري والشامل لإطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الاسرائيلي، وضمان وصول المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة بشكل آمن ومستدام ودون عوائق الى جميع أنحاء قطاع غزة.

وشدد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، في هذا الصدد، على أهمية تفعيل مسار العدالة الجنائية الدولية، مؤكداً رفض ازدواجية المعايير بشأن إحقاق العدالة للضحايا وايصال المجرمين إلى المساءلة.

ورحَّب بقرار العديد من الدول مؤخراً الاعتراف بدولة فلسطين، باعتبار ذلك خطوة تاريخية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، داعياً جميع أطراف المجتمع الدولي الى الإنخراط في رعاية مسار سياسي لا رجعة فيه لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وتحقيق السلام القائم على رؤية حل الدولتين.

وفي كلمته، شدَّد المندوب السعودي الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي الدكتور صالحبن حمد السحيباني أن المملكة وحتى اليوم ما زالت  تضع على عاتقها نصرة الشعبالفلسطيني على جميع الأصعدة من أجل تحقيق تطلعاته في استقلال دولة فلسطين وفقاًللقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

ونوه بمشاركة المملكة بشكل كبير ومكثف في دعم القضية الفلسطينية في الأمم المتحدةوكافة المنابر الدولية على جميع الأصعدة بما في ذلك السياسية والقانونية والإنسانية،ومن ذلك ترؤس المملكة للجنة الوزارية المخصصة لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب علىغزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائموالشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة والمنبثقة من القمة الإسلامية والعربية المشتركةالمنعقدة مؤخراً في الرياض ، كما شاركت المملكة بشكل فاعل في الجلسات العلنيةلمحكمة العدل الدولية في لاهاي، في بداية عام 2024م بشأن التبعات القانونية الناشئةعن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدسالشرقية.

وأوضح السحيباني في كلمته  الدور الإنساني والأخوي للمملكة عبر ذراعها الإنسانية«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» واستمرار مساعداتها الإغاثية والإنسانيةالمتنوعة للمتضررين من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، للتخفيف من معاناتهمجراء الأزمة الإنسانية الراهنة التي ألمت بهم جراء الحرب الإسرائيلية البشعة.

وكشف أنَّ ما قدمته المملكة للأخوة في فلسطين لدعمهم تجاه الاحتلال الغاشم خلالالسنوات الماضية قارب 5,258 مليار دولار.

وأكد السحيباني موقف المملكة الثابت والراسخ في دعم القضية الفلسطينية وإيجاد حلعادل للقضية يؤمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيه حقه في العودة إلىوطنه، وسيادته الكاملة على موارده الطبيعية، وحقه المشروع في إنشاء دولته المستقلة وفقاًلما اكدت عليه قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي تقدمت بها المملكةالعربية السعودية، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967م.

وشدّد السحيباني في كلمته على أن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني فيأرضه لن تسقط بالتقادم او تنقضي بمرور الزمن او بمحاولات فرض سياسة الأمر الواقعالتي تنتهجها إسرائيل، مشيراً إلى أن مثل هذه الندوة تؤكد الجهود الملموسة للدفاع عنحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وزيادة الوعي الدولي بقضية فلسطين،وكذلك الدعم الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصيروالاستقلال، والحاجة الملحة إلى اسهام الجهود الدولية في تحقيق السلام العادل والدائم.

من جهته جدد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ خالد الخياري التأكيد على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لكافة الأطراف بالوقف الإنساني والدائم والفوري لإطلاق النار، وإطلاق كافة الأسرى، واحترام المبادئ الإنسانية والقانون الدولي.

وكشف أنه على مدى الأشهر الماضية فقد أكثر من 100 فرد من العاملين في الأمم المتحدة أرواحهم، ومعظمهم من الأونروا حيث كانوا يقومون بعملهم في مساعدة الفئات الهشة.

ودعا جميع أطراف الصراع، بما في ذلك حكومة إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، للالتزام بتعهداتهم وبالقانون الدولي وأن يضمنوا أن العاملين في الأمم المتحدة تتم حمايتهم.

وشدَّد خياري على أنَّ حل الدولتين هو أفضل وسيلة لحماية الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني بحيث تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة وتكون غزة جزءاً منها، وأن تكون هناك عودة لحدود عام 1967 وأن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وينبغي أن يكون هناك حل يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق المحتجزين والأسرى وأن ينقلنا ذلك إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

بدوره، أكد رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف شيخ نيانغ أنَّ حرب غزة المستمرة منذ 9 أشهر لا تزال أكثر الحروب دموية منذ فترة طويلة، مشيراً إلى أن 1.7 مليون فلسطيني على الأقل قد هجروا كما أنَّ أكثر من مليون شخص لا تتوفر لديهم المياه النظيفة، والغذاء، وليس لديهم إمكانية للوصول للرعاية الطبية.

وجدد التأكيد على دعوة اللجنة لوقف فوري لإطلاق النار وأن يكون هناك وصول غير معاق للمساعدات في غزة والضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس.

وحذر نيانغ من أن الهوية التاريخية والديموغرافية في القدس الشرقية لا تزال تتعرض لهجمات من قبل السياسات والإجراءات الإسرائيلية، بما في ذلك مصادرة حق الحرية وحق العبادة للشعب الفلسطيني، لافتا إلى أنَّ ذلك يحدث في إطار تدمير لكافة المباني والطرق وكذلك الحفريات التي تؤثر على المقدسات الإسلامية والمسيحية.

وشدد نيانغ على أنَّ هذه المقدسات ينبغي احترامها في إطار الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس وأن تكون القدس مدينة للسلام.

ورحب نيانغ بما حصل مؤخراً من مبادرات للاعتراف بدولة فلسطين من قبل عدد من الدول، مشيراً إلى أنَّ هذه الخطوات متسقة مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وتعزز الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية.

ودعا إلى قبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة كدولة ذات سيادة ومستقلة، مرحباً في هذا الصدد بقرارالجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من مايو الذي حظي بدعم أكثر من 140 دولة لدعم طلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ومجدداً التأكيد على الالتزام بالمسار الدبلوماسي وأن تكون القدس في قلب أي حل قابل للتحقق بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

من جانبه، أكد المراقب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور أنَّ موقف المملكة العربية السعودية يلعب دوراً هاماً في وصول الشعب الفلسطيني إلى حقوقه الوطنية الثابتة.

وقال منصور إنه منذ بداية العدوان تمكنا في نيويورك من توحيد الموقف العربي والإسلامي حول ثلاثة أهداف في غاية الأهمية بالنسبة للشعب الفلسطيني، وهي: وقف العدوان فوراً في قطاع غزة وفي جميع الأرض الفلسطيينة المحتلة، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بالحج الذي يستجيب لاحتياجاتأهالي القطاع، ووقف جريمة الحرب والجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في التهجير القسري للفلسطيننين في غزة.

وأضاف أنه طيلة 9 شهور تمكنا من إنجاز مجموعة من القرارات في مجلس الأمن والجمعية العامة حول هذه الأهداف الثلاثة لكننا لم نستطع حتى اللحظة الوصول لنقطة وقف العدوان على قطاع غزة لتضميد الجراح، وإعادة بناء قطاع غزة الذي يعد جزءاً ثميناً من المكون الفلسطيني ومن مكونات الدولة الفلسطينية.

ولفت إلى أنَّ فلسطين انتهجت خطاً سياسياً فيما يسمى بالاعترافات بدولة فلسطين في منطقة الكاريبي وفي أوروبا الغربية، لافتاً إلى أن ماساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتعاطف العالم معنا، وتضامنه معنا وتفهمه لمأساتنا وعذاباتنا خلق أجواء مؤيدة لنا في أوروبا الغربية تُوِّجَت باعتراف أربعة دول وهي إسبانيا والنرويج وإيرلندا وسلوفينيا.

وثمن في هذا الصدد الدورالذي لعبته ولا تزال تلعبه اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بقيادة سمو الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية للمملكة العربية السعودية التي طافت عواصم الدول، بما فيها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لوقف العدوان، والعمل على المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين.

وعقب الجلسة الافتتاحية، عقدت جلسة نقاش حول “القدس في ظل الحرب على غزة: تحديات السلام والأمن في المنطقة وخارجها” بمشاركة أربعة خبراء من مدينة القدس.

(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى