تقارير وحوارات

كازاخستان تستعد للاحتفال بيوم الدستور وسط استمرار الإصلاحات السياسية

أستانا (يونا) – تحتفل كازاخستان بيوم الدستور في 30 أغسطس. إنها عطلة رسمية تقام فيها الاحتفالات والحفلات الموسيقية والمعارض في جميع أنحاء البلاد بمناسبة اعتماد الدستور الكازاخستاني في عام 1995. ويظل القرار الذي اتخذ في استفتاء قبل 28 عاماً بإنشاء البلاد كدولة ديمقراطية قراراً بالغ الأهمية، بكل ما يمثله من إعلان لمُثُل الحرية والمساواة والوفاق.

مع ذلك، فقد تم تعديل النص القانوني الأعلى في الجمهورية في خمس مناسبات، آخرها وبشكل شامل في عام 2022.

إن أحداث يناير/كانون الثاني 2022، عندما تحولت الاحتجاجات المشروعة في البداية حول أسعار الوقود إلى الفوضى والعنف، نتذكرها بحق في كازاخستان باعتبارها مأساة. لكن استجابة الرئيس قاسم جومارت توكاييف كانت تتمثل في تسريع الإصلاحات الديمقراطية، وليس إلغاءها كما كان يأمل زعماء المجموعة التي تقف وراء أعمال العنف.

وبعد مرور ما يقرب من عامين، تواصل كازاخستان التقدم في الإصلاحات السياسية التي بدأها الرئيس وحكومته، وفي بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، والتعمق في المجتمع بما يتجاوز الإصلاحات المهمة لدوري الرئيس والبرلمان. ومؤخراً، لاحظ مستشار الدولة إرلان كارين كيف انتخب المواطنون الكازاخستانيون خلال هذين العامين 1668 حاكماً (رؤساء حكومات محلية) في البلدات والقرى والمستوطنات الأخرى كجزء من الإصلاحات السياسية الرئاسية.

ربع هؤلاء من المنتخبين هم من المستقلين، والبقيية مدعومون من أحد الأحزاب السياسية التي استفادت من الإجراءات التي سهّلت تشكيل الأحزاب وتنظيم الحملات الانتخابية. إن أكثر من نصف القادة المنتخبين الجدد يشغلون مناصب لفترة أولى، والعديد منهم ينتمون إلى جيل جديد من الساسة المحليين الأصغر سنا؛ ويبلغ متوسط أعمارهم الآن 45 عاماً.

يمثل يوم الدستور في 30 أغسطس فرصة لشعب كازاخستان – وجميع المهتمين بهذا البلد ذي الأهمية الاستراتيجية – للتفكير في المبادئ الأساسية للتعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها بعد الاستفتاء الذي أجري على مستوى البلاد في يونيو من العام الماضي. لقد أحدثت الإصلاحات تحولاً في كازاخستان، وكانت بمثابة بداية لمبادئ ديمقراطية جديدة.

وتم منح المزيد من السلطة والنفوذ للبرلمان والحكومة المحلية؛ وكانت السلطات الرئاسية محدودة، مما عزز مساءلة الحكومة أمام البرلمان وأمام الشعب الذي انتخبه. والآن يتم انتخاب رئيس كازاخستان لفترة ولاية واحدة مدتها سبع سنوات فقط، ولا يمكنه الترشح لإعادة انتخابه، وهو شرط فريد من نوعه في آسيا الوسطى.

وتم تعزيز حماية حقوق الإنسان والديمقراطية من خلال تعزيز دور ومكانة أمين المظالم المعني بحقوق الإنسان، وأمين المظالم المعني بحقوق الطفل، وأمين المظالم المعني بحماية الأشخاص ذوي الإعاقة. وأعيد إنشاء المحكمة الدستورية لضمان مزيد من الحماية لحقوق الإنسان والحريات. يستطيع مواطنو كازاخستان الآن أن يتقدموا مباشرة إلى المحكمة الدستورية للاعتراض على التدابير غير القانونية التي يعتقدون أنها تتعارض مع مبادئ الدستور.

كان تأثير التعديلات الدستورية واضحاً بشكل خاص خلال الانتخابات البرلمانية والمحلية التي أجريت في مارس 2023. وأدى تبسيط عملية تسجيل الأحزاب السياسية إلى مشاركة أحزاب جديدة مثل “ريسبوبليكا” و”بيتاق” في الانتخابات التي اعتبرها العديد من الخبراء السياسيين المحليين والدوليين الأكثر تنافسية في تاريخ كازاخستان الحديث.

وتمكنت ستة أحزاب من اجتياز نسبة الخمسة في المائة اللازمة لدخول البرلمان، الأمر الذي أدى إلى إنشاء هيئة تمثيلية متعددة الأحزاب ذات وجهات نظر سياسية مختلفة. وكانت وتيرة التغيير غير عادية، حيث جرت خمس حملات استفتاءات وانتخابات في عام واحد. ظهرت ثقافة مدنية وسياسية جديدة في المجتمع الكازاخستاني، وذلك بفضل التعديلات والإصلاحات الدستورية.

وتظل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الإصلاحات بمثابة عمل مستمر في التقدم حيث تستجيب كازاخستان للتغيرات والاتجاهات والتحديات العالمية التي تواجهها باستمرار. ومع إعادة كتابة ثلث مواد الدستور، أصبحت كازاخستان في الأساس جمهورية جديدة وأمة جديدة على الصعيد السياسي.

إن كازاخستان مجتمع متسامح، حيث يمكن لكل مواطن، بغض النظر عن معتقده الديني أو أصله العرقي، أن يشعر بالتقدير والحرية. ومن خلال ضمان حرية التعبير والتجمع والدين، فضلاً عن التنوع السياسي والحرية الشخصية، يوفر الدستور خطة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في البلاد.

وفي زيارة قام بها مؤخراً إلى البلاد، التقى وفد من لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي بأعضاء البرلمان، ومستشار الدولة كارين، ووزير الاقتصاد، والعديد من نواب الوزراء، فضلاً عن ممثلي المجتمع المدني ومفوض حقوق الإنسان.

وقال عضو البرلمان الأوروبي الألماني ديفيد مكاليستر، الذي يرأس اللجنة، إن الزيارة إلى كازاخستان وقرغيزستان المجاورة أكدت من جديد حاجة الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف حضوره وانخراطه مع دول منطقة آسيا الوسطى ذات الأهمية الاستراتيجية. وأضاف: “هذه فترة تحديات، ولكنها أيضاً فترة فرص لتطوير علاقاتنا”.

ورحب السيد مكاليستر باستعداد الحكومتين للعمل مع الاتحاد الأوروبي لمعالجة خطر استخدام بلديهما للتحايل على العقوبات المفروضة على روسيا وبيلاروسيا. وشدد على أن العقوبات تستهدف المعتدين على أوكرانيا وليس ضد دول آسيا الوسطى.

كان أعضاء البرلمان الأوروبي مهتمين للغاية بإمكانية تحسين الاتصال بين كازاخستان وأوروبا. وقال ديفيد مكاليستر، الذي أكد أيضًا على تعزيز التعاون مؤخرًا بين الاتحاد الأوروبي وكازاخستان: “يعد الممر العابر لبحر قزوين رابطاً بديلاً مهماً بين آسيا الوسطى وأوروبا ويسهل الوصول المباشر إلى الأسواق العالمية دون المرور عبر البلدان الخاضعة للعقوبات”. في مجال المواد الخام الحيوية يمكن للممر أن يحقق منافع متبادلة إضافية كبيرة.

ورحب أعضاء البرلمان الأوروبي بالإصلاحات السياسية والاقتصادية في كازاخستان وتطلعوا إلى استمرارها. وشددوا على أهمية المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة وأعربوا عن دعمهم للبقاء على مسار يحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى