تقارير وحواراترمضان في دول منظمة التعاون الإسلامي

رمضان في الإمارات.. أجواء روحانية وتكافل اجتماعي وعادات تنبض بالأصالة

أبوظبي (يونا) – يكتسب شهر رمضان المبارك في دولة الإمارات خصوصيته النابعة من روحانية الشهر الفضيل وأجوائه الإيمانية التي تطغى على كل تفاصيل الحياة اليومية ويتحول خلاله المجتمع بأسره إلى أسرة كبيرة واحدة تجتمع على طاعة الله والألفة والمحبة بين جميع أفرادها.

وتستقبل الإمارات شهر رمضان بأجواء مفعمة بالفرحة حيث تكتسي الشوارع الرئيسية والجسور وواجهات مراكز التسوق حلة الزينة الخاصة بقدوم الشهر الفضيل ممثلة في الأشكال الضوئية الهندسية والعبارات التي تعكس روح البهجة وتتناسب مع أجواء وروحانية الشهر الفضيل.

وتشهد الإمارات عشرات الفعاليات الدينية والاجتماعية والترفيهية والثقافية المرتبطة بالشهر الفضيل، والتي عادة ما تبدأ عشية يوم الخامس عشر من شهر شعبان، والذي يُطلق عليها “حق الليلة” حيث يرتدي أطفال الإمارات أفضل ما لديهم من ملابس وينتقلون من بيت إلى آخر ويقومون بالغناء وإلقاء القصائد، ويكون في انتظارهم الجيران ومعهم الحلويات والمكسّرات التي يجمعها الأطفال في حقيبة مصنوعة من قماش خاص مطرز بأشكال تقليدية.

وتجتمع الأسر الإماراتية في أول أيام رمضان في بيت العائلة الذي عادة ما يكون بيت الجد لتناول الإفطار الذي يضم أصنافا مختلفة من الأطعمة التقليدية مثل «الثريد»، و«الهريس»، و”المرقوقة”، والحلويات ومن أشهرها «اللقيمات»، و«الساقو»، و«الفرني» و يمثل الشهر الفضيل فرصة مثالية لزيارة الأهل والأقارب والأرحام.

و يعتبر “مدفع رمضان” من أبرز التقاليد المميزة للشهر الفضيل، فعلى الرغم من التطور الكبير في جميع جوانب الحياة في الدولة، لاتزال الإمارات محافظة على ممارسة تقليدها السنوي الأصيل في تنبيه الصائمين بموعد الإفطار ومشاركتهم فرحتهم، وذلك من خلال مجموعة من المدافع تتوزع على مناطق مختلفة مضفية بذلك طابعاً مميزاً للشهر الفضيل على خلاف غيره من الشهور.

وتنشر الخيام الرمضانية خلال الشهر الفضيل في الإمارات وتعد جزءاً أصيلاً من التقاليد والعادات التي تجسد روح العطاء والمشاركة الإنسانية ويجتمع داخلها الصائمون على اختلاف جنسياتهم وخلفياتهم المادية ومكانتهم الاجتماعية حول موائد الإفطار في أجواء تعكس القيم الرمضانية كالتضامن والمساواة.

وحرصاً على تسهيل ممارسة شعائر الشهر الفضيل، تخفض عدد ساعات العمل في الإمارات بالقطاعين الحكومي والخاص دون الانتقاص من الأجور الاعتيادية، في حين تبدو العديد من المحال خالية طوال ساعات النهار، إلا أن الأمر سريعاً ما يتغير مع غروب الشمس حيث تشهد المطاعم والمقاهي ومراكز التسوق إقبالاً كثيفاً من المتسوقين وتظل أبوابها مفتوحة حتى ساعات متأخرة من الليل.

ويتميز رمضان في الإمارات بالفعاليات الثقافية المرتبطة بالشهر الفضيل في مقدمتها “برنامج العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة” الذي يستضيف سنوياً نخبة من العلماء في مجال الشؤون الإسلامية، من المتمتعين بالفصاحة وحسن التعبير، المعروفين بالأطروحات العلمية القيمة، بالإضافة إلى عدد من القراء المتمكنين من الحفظ وأحكام التلاوة والتجويد.

ويضم البرنامج فعاليات متنوعة تنبثق عنها محاضرات ودروس تقام في عدد كبير من المساجد في مختلف مناطق الدولة.

وتعد محاضرات مجلس محمد بن زايد الرمضاني إحدى أبرز الفعاليات خلال الشهر الفضيل في الإمارات ويستضيف المجلس عدداً من المحاضرات، يقدمها متحدثون ومفكرون بارزون على مستوى العالم، يناقشون خلالها مواضيع تهم الإنسان والمجتمع.

وتمثل محاضرات مجلس محمد بن زايد سلسلة معرفية مستمرة تهدف إلى معالجة الموضوعات المتصلة بحياة الإنسان والمجتمع، وتركز على التحديات والفرص التي تواجه البشرية مع التطور المستمر للمجتمع والثقافة والتكنولوجيا، إضافة إلى كيفية تصدي المجتمع لتحديات المستقبل من خلال التصميم والتخطيط والابتكار الذي يركز على الإنسان.

بدورها تحولت جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، التي تعقد فعالياتها سنوياً خلال الشهر الفضيل، إلى واحدة من أهم الجوائز على  مستوى العالم والتي أطلقت في العام 1997 لتكون دبي خلال شهر رمضان الكريم من كل عام، قبلة لشباب المسلمين حول العالم والذين يتلاقون ويتسابقون فيما بينهم على حفظ كتاب الله العظيم.

من جانبها تطبق إدارة مركز جامع الشيخ زايد الكبير خطة سنوية خلال شهر رمضان  تتضمن محاور عدة أبرزها ترسيخ دوره الثقافي والمعرفي ومواكبة عام الخير وإعلاء قيمة التطوع ودعم قيم التواصل الحضاري والإنساني وإظهار القيم التي غرسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” في أبناء الإمارات وذلك عبر فعاليات عدة تم تنظيمها بالتعاون مع عدد من الجهات في الدولة.

ويشهد (جامع الشيخ زايد الكبير) في الشهر الفضيل إقبالاً كبيراً من جموع المصلين والصائمين خاصة خلال العشر الأواخر من رمضان وينظم سنويا مشروع “ضيوفنا الصائمون” الذي يقدم وجبات الإفطار لمئات ألوف الصائمين.

ويستقبل الجامع ضيوفه من المصلين والزوار، باستعدادات خدمية وميدانية خاصة، تنفذها لجان وفرق عمل من موظفي المركز على مدار الساعة في مختلف المجالات التقنية والفنية واللوجستية، والإعلامية، والميدانية، وبصورة منظمة ومتكاملة تكفل تحقيق أهداف المركز بتوفير خدمات ترقى لأعلى المعايير لمرتاديه طوال الشهر الفضيل.

ويتميز شهر رمضان في الإمارات بقيم الإحسان، والتكافل الاجتماعي وتكثر فيه الأعمال الخيرية ومنها تقديم وجبات الإفطار وتوفير المواد الغذائية والوجبات للمحتاجين.

وتعمل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي و مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية وغيرها من المؤسسات الخيرية المعتمدة على نصب الخيام في مختلف مناطق الدولة لإقامة ولائم الإفطار.

من جانبها تنظم العديد من الجهات الحكومية برامج وأنشطة خيرية في أنحاء الدولة منها توفير المواد الغذائية والوجبات المجانية لغير القادرين .. فيما تقوم العديد من الهيئات العامة والخاصة بتوزيع وجبات الإفطار والتمر والماء على المساجد ومراكز التسوق يومياً قبيل رفع أذان المغرب إلى جانب توفير المواد الغذائية (المير الرمضاني) لتلبية احتياجات غير القادرين.

وتنفذ هيئة الهلال الأحمر الإماراتي من جانبها حملات خيرية بمناسبة شهر رمضان المبارك تشمل مشروع المير الرمضاني، وإفطار صائم، وزكاة الفطر، وكسوة العيد والتي يعم خيرها عشرات الآلاف داخل الدولة وخارجها ويمكن للأفراد والشركات والمؤسسات المساهمة عبر مواقع الهيئة المنتشرة في المساجد ومراكز التسوق والمستشفيات وغيرها من الأماكن العامة.

(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى