الثقافة والفنون

من الشعب إلى الدولة.. كتاب جديد يؤرّخ لمراحل تشكّل الفكرة الوطنية في أذربيجان

باكو (يونا) – بدأت آذربيجان الحديثة مسارها كدولة فاعلة مع اكتمال الهوية الوطنية وتبلورها، بحيث أصبح الآذريون واعين بتميزهم الذاتي كإثنية وأمة لها امتدادها التاريخي، وسماتها التي تفصلها عن شعوب وقوميات المنطقة. وقد ظل البحث العلمي يراوح مكانه في التناول المنهجي للمراحل التاريخية لتكون الهوية الوطنية في آذربيجان وصولاً إلى المرحلة الحالية، مرحلة الدولة الحديثة القائمة على الوحدة الوطنية الشاملة، إلى أن أصدر رئيس ديوان الرئاسة الأذربيجانية الأكاديمي رامز مهدييف دراسة جديدة تغطي هذا الموضوع بمختلف مراحله، ابتداءً من أصل الشعب الأذربيجاني، ونشأته، وانتهاء بتشكل الفكرة الوطنية. وقد استغرقت الدراسة مجلَّدين كبيرين، صدر أولهما عن دار ستوليتسا، فيما صدر الثاني عن دار بوليتيجيسكايا انسيكلوبيديا بموسكو للنشر. وبحث مهدييف في المجلد الأول الوعي التاريخي لتشكل الفكرة الوطنية حيث أوضح أن هذه الفكرة ارتبطت بواقع وجود دولة مستقلة، الأمر الذي فرض التركيز على المسألة الوطنية باعتبارها ذات أولوية للمثل العليا والتوجهات الأيديولوجية والقيم الهادفة إلى بحث معنى وجود المجتمع الأذربيجاني. وتتبع مهدييف مراحل تكون الشعب الأذربيجاني كإثنية مستعيناً بالمنجزات في حقل الإنثربولوجيا، ودراسات الوراثية الجينية، حيث شدد على أن الوقائع الإنثروبولوجية وحدها تعتبر أساساً مهماً لتحديد الطبقات الاجتماعية التي تتشكَّل منها المجموعة الإثنية وبعد ذلك الأمة. وفي هذا الصدد قدّم المؤلف معلومات مهمة توضح الخصائص الإنثروبولوجية وكذلك الإثنية للشعب الاذربيجاني. كما قدَّم معلومات كثيرة عن الأنواع الإنثروبولوجية للشعوب القوقازية والخصائص السيكولوجية للأعراق المختلفة والصفات الوراثية في الإنسان. كما قدَّم مهدييف عرضاً لمصادر تشكل الهوية القومية في أذربيجان. مبيناً أن هذه الهوية شهدت محاولات للطمس في القرنين التاسع عشر والعشرين، وفي العهد السوفيتي. وسلط الضوء على نشاط الزعيم القومي حيدر علييف في سبيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأذربيجان خلال العهد السوفيتي. وقال مهدييف: إن عبقرية علييف تكمن في أنه استطاع معالجة المسائل الاجتماعية التي تقود الأمة إلى التنمية رغم الأجواء التي كانت سائدة حينها بفعل الشمولية الشيوعية. وفند الباحث المغالطات التي أشاعها باحثون أرمن عن الأصول التاريخية للأذربيجانيين، كما تطرق إلى أسباب نشوء النزاع في قراباغ ومحاولات الأرمن باستخدام الأكاذيب لإقناع القيادة السوفييتية والمجتمع العالمي بـانتساب قراباغ الجبلي لـأرمينيا الكبرى المزعومة ودعمها من قبل القيادة السوفييتية حينذاك من خلال التقاعس المطلق. أما في المجلد الثاني فقد تناول مهدييف الفكرة الوطنية الأذربيجانية في عهد التحولات العالمية حيث ركز على مرحلة تأسيس الدولة الأذربيجانية المستقلة في نهاية القرن العشرين. وأوضح مهدييف، أن التأسيس واجهته صعوبات عدة، إلا أن عودة الزعيم القومي حيدر علييف إلى سدة الحكم في السنوات الأولى من استقلال أذربيجان أنقذت البلد من الزوال وحدَّدت مستقبله. وقال مهدييف: إن حيدر علييف كان يملك تصوراً دقيقاً عن الطريق الضروري الذي ستسلكه أذربيجان نحو المستقبل، ولهذا طرح مقاربة تركز على ثلاثة قضايا، الأولى: إحلال الاستقرار السياسي في البلد، والثانية: انتهاج السياسة الخارجية المتعددة المحاور، والثالثة: تنفيذ استراتيجية النفط التي تشكل أساس السياسة الاجتماعية الاقتصادية الهادفة إلى تطوير البلد والنهوض به إلى مراكز أولية في العالم. وأشار الباحث إلى أن مرحلة التنمية الجديدة التي انطلقت عام 2003 تستمر اليوم للتحديث الشامل للبلد من قبل الدولة. وقال: إن إنشاء رأس المال البشري الأذربيجاني تحت قيادة الرئيس إلهام علييف يتم من خلال تطبيق آخر المستجدات العلمية وأحدث أساليب الإدارة الجديدة. وفي هدا الصدد قدَّم مهدييف تعريفاً لطرق تشكل النخبة المبتكرة الوطنية والطبقة الإبداعية. معرباً عن ثقته بأن الشعب الأذربيجاني سيستمر في السير في طريق التنمية الاقتصادية الاجتماعية وحل القضايا الوطنية بناء على متطلبات القرن الواحد والعشرين، بفضل الحكمة السياسية للرئيس إلهام علييف. (انتهى) ز ع/ ح ص

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى