الثقافة والفنون

مسجد الأمير عبد القادر.. تحفة معمارية ومرآة للهوية الجزائرية

قسنطينة (إينا) – يعتبر مسجد الأمير عبد القادر، في مدينة قسنطينة (430 كم شرق الجزائر العاصمة) واحدا من أهم المنارات الدينية والعلمية في القارة الإفريقية، وتحفة فنية تجمع بين الفن المعماري المشرقي والمغاربي، تُصنف على أنها مرآة للهوية الوطنية الجزائرية. ويلعب مسجد الأمير عبد القادر (رائد سياسي عسكري جزائري 1808-1883 ومؤسس الدولة الجزائرية الحديثة) دوراً متميزاً في نشر العلوم الشرعية، والدعوة الإسلامية، حيث يحتضن على مدار السنة نشاطات دينية وعلمية عادة ما يحضرها أهم وأبرز رموز الدعوة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي. واستقطب المسجد منذ افتتاحه قبل 20 سنة، أشهر مشايخ ودعاة العالم الإسلامي، يتقدمهم الشيخ محمد الغزالي (1917- 1996 عالم ومفكر إسلامي مصري)، والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي (1929- 2013 عالم سوري متخصص في العلوم الإسلامية)، والشيخ يوسف القرضاوي (من علماء السنة ) والداعية السعودي المعروف عائض القرني، حيث قدم هؤلاء، دروساً بالمسجد، وأشرفوا على تكوين المئات من الطلبة. وقال عبد الله بوخلخال، عميد جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية: إن إنشاء المسجد يعود إلى السنوات الأولى بعد حصول الجزائر على استقلالها (5 يوليو 1962) حيث اتخذ الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، قرار الشروع في بنائه سنة 1969 . وأضاف بوخلخال: إن بومدين اتخذ قراره، بعد إطلاعه على مجموعة من التصاميم التي قدمها عدد كبير من المعماريين العرب والغرب، قبل أن يتم اختيار التصميم الذي تقدم به المهندس المصري مصطفى موسى، الذي كان يعمل لدى الرئاسة الجزائرية. وتابع في سنة 1984 تم تدشين الجامعة الإسلامية التابعة للمسجد وتأخر تسليم المسجد الخاص بالمصلين حتى عام 1994. ويصنف المختصون في مجال العمران، مسجد الأمير عبد القادر، الذي يمتد على مساحة 13 هكتارا، على أنه منارة معمارية إسلامية فريدة من نوعها، بالنظر لشكله الهندسي المتميز، حيث تعلوه مأذنتان يبلغ ارتفاع كل منهما 107 أمتار، وقبة يزيد ارتفاعها عن 65 متراً. يضاف إلى ذلك، موقعه، حيث يمكن مشاهدته من أي مكان في مدينة قسنطينة، ناهيك عن التصاميم الهندسية التي تزينه من الداخل والخارج. ويتسع داخل المسجد لنحو 19 ألف مصل ومصلية، فضلاً عن الساحة الخارجية التي تتسع لآلاف المصلين. وللمسجد خمسة أبواب، تقود إلى داخله الذي يتميز بهندسة مشرقية ومغربية رائعة، تتوسطها دعائم مصنوعة من الرخام والخشب الرفيع عالي الجودة، الذي تزينه الأحجار النفيسة، وتتخللها أقواس تسمح بدخول ضوء الشمس عبر نوافذ زجاجها تتمازج فيه ألوان الطيف، فضلاً عن المنبر الذي قدمه الملك المغربي الراحل حسن الثاني هدية للجزائر قبل افتتاح المسجد. ويضم المسجد، مدرسة قرآنية تتكون من سبعة أقسام، يتخرج منها سنوياً، المئات من حفظة القرآن الكريم، والمختصون في التفسير. وعن الخدمات الإنسانية التي يقدمها، قال الحاج إبرهيم، رئيس لجنة المسجد: إن المسجد يلعب دوراً كبيراً في الجانب الإنساني، حيث تعكف اللجنة التي تنشط به على جمع التبرعات المالية على مدار السنة، وخلال المناسبات الدينية، يتم التكفل بمئات العائلات المعوزة والفقيرة من خلال منحها إعانات شأنها في ذلك شأن الأطفال الأيتام، والمحتاجين الذين يتم كسوتهم خاصة في الأعياد. وبالإضافة للدور الذي يلعبه المسجد، تحتل الجامعة الإسلامية التابعة له والتي تم تدشينها سنة 1984، مكانة متميزة هي الأخرى، حيث يتخرج منها سنويا الآلاف من الطلبة الجزائريين وغيرهم من القادمين من مختلف الدول العربية والإفريقية، في مختلف الاختصاصات التي لها علاقة بالدين الإسلامي والشريعة. (انتهى) (الأناضول)/ ص م/ ح ص

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى