جدة (يونا) – ناقش خبراء إعلاميون ومفكرون وقادة دينيون مخاطر التضليل والتحيز الذي تتعرض له القضية الفلسطينية وسبل تعزيز دور الإعلام في مناصرة هذه القضية ونشر الأمن والاستقرار.
جاء ذلك خلال المنتدى الدولي: “الإعلام ودوره في تأجيج الكراهية والعنف (مخاطر التضليل والتحيز)” الذي انطلقت أعماله الأحد (26 نوفمبر 2023) في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، برعاية وحضور معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، ومعالي المشرف العام على الإعلام الرسمي في دولة فلسطين، الوزير أحمد عسَّاف.
ويأتي عقد المنتدى ضمن الشراكة الوثيقة التي تربط الأمانة المساعدة للاتصال المؤسسي في رابطة العالم الإسلامي، واتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي، الذي يمثِّل جهازًا متخصصًا مستقلًا، في إطار الأهداف المشتركة لهما.
وخلال الجلسة الثانية التي عقدت تحت عنوان “التحيز والتضليل في الإعلام الدولي (القضية الفلسطينية أنموذجاً)”، أكد السفير مختار عمر كبير مستشاري أمين عام الاتحاد البرلماني الدولي أن كثيراً من وسائل الإعلام الغربي أثبتت انحيازها من خلال تجاهلها لسياسات العقاب الجماعي والتعذيب الممنهج التي انتهجتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني رداً على أحداث السابع من أكتوبر الماضي.
وحذَّر السفير مختار عمر من تأثير الذكاء الاصطناعي على السيطرة على المعلومة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، داعياً إلى استراتيجية إعلامية لوكالات الأنباء في الدول الإسلامية تجاه القضايا المهمة والمشتركة.
وأوضح علي حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أنَّ هناك حاجة ماسة لقيام الإعلام في دول العالم العربي والإسلامي ببث مواده الإعلامية بلغات أجنبية متعددة حتى تصل من خلالها الحقائق والتغطيات الصادقة لمجريات الأحداث وحقائقها إلى مسامع دول العالم المختلفة، وذلك للرد على التضليل الإعلامي الذي ينتهجه الإعلام الإسرائيلي في تعاطيه مع القضية الفلسطينية.
وناشد علي حسن، وسائل الإعلام في دول العالم العربي والإسلامي، الحرص على التبادل الإخباري فيما بينها بعيدًا عن وسائل الإعلام المغرضة والمنحازة انحيازًا أعمى لإسرائيل على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأكد ضرورة الحرص على النقل المتواصل للجهود العربية والإسلامية المبذولة بشأن هذه القضية، سواء من خلال إبراز القرارات والاجتماعات والمقابلات والمشاورات لكبار المسؤولين في دولنا وللوزارات ذات الصلة، وكذلك مقررات وفعاليات منظماتنا الإقليمية ذات الصلة بشأن القضية الفلسطينية.
من ناحيته، قال السير إقبال سكراني المستشار الأول بالمجلس الإسلامي البريطاني إنَّ المنتدى يأتي في وقت مناسب للغاية نظراً للأزمة والمأساة غير المسبوقة وما نشاهده مباشرة عبر شاشات القنوات الفضائية من إبادة وتدمير في واحد من أكبر السجون المفتوحة في العالم في غزة.
ولفت سكراني إلى أنَّ ما يحدث في غزة لو أنه حدث في أي مكان آخر حول العالم لما بقي العالم بشكل عام وتحديداً وسائل الإعلام الدولية صامتة، مشيراً في هذا الصدد إلى الإجماع الغربي تجاه الحرب في أوكرانيا.
ونبَّه إلى مخاطر التلاعب بالسياقات في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في بعض وسائل الإعلام الغربية التي تصور الوضع وكأن جذور الصراع تكمن فيما حدث في السابع من أكتوبر الماضي، وليس في الاحتلال المستمر منذ أكثر من 70 عاماً.
من جانبه، قال مدير وكالة الأنباء الجيبوتية عبدالرزاق علي ديراني إنَّ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة أظهرت انحياز وسائل الإعلام الغربية للجانب الإسرائيلي وهو ما يتعارض مع تدعيه هذه الوسائل من حرية التعبير والرأي ونقل الأحداث بشفافية ودون تحيز.
وتطرقت رئيسة مجلس إدارة وكالة الأنباء الكرواتية ماجدة تافرا فلاهوفيتش إلى الإبادة التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون والتي وصفتها بأنها غير مسبوقة في التاريخ.
وأضافت: كما يبدو فإنه في بعض وسائل الإعلام حتى إبادة الأطفال الفلسطينيين لا تسمى بالاسم الصحيح، مشيرة إلى أنَّ هناك تلاعباً بوسائل الإعلام يمارسه القلة.
وشدَّدت على ضرورة تعليم الصحفيين وتثقيفهم لمواجهة هذا التحيز وإجراء أبحاث علمية وأكاديمية في واقع الإعلام لفهم ما يحدث حالياً ومحاولة تصحيح المسار.
بدوره، أشار مدير عام وكالة أنباء قيرغيزستان ميدربيك شيرميتالييف إلى الكيفية التي يتم بها استخدام بعض وسائل الإعلام العالمية، بعد أن نسيت مبادئ الإنسانية، لتبرير العدوان الغاشم الذي أدى إلى استشهاد آلاف المدنيين في قطاع غزة، بينهم العديد من النساء والأطفال.
ولفت في هذا الصدد أيضاً إلى الرقابة المفروضة في شبكات التواصل الاجتماعي على التعليقات الداعمة لقطاع غزة، ومقاطع الفيديو من المستشفيات التي تم قصفها، مشيراً إلى أنَّ هذه الرقابة وصلت إلى حد استهداف كل من يسعى إلى وقف إطلاق النار وفرض السلام.
من جانبه، أوضح يونس القنوبي من وزارة الإعلام في سلطنة عمان أنَّ كثيراً من وسائل الإعلام الغربية سعت إلى الدفاع المستميت بالتضليل الإعلامي والانحياز التام لإسرائيل دون النظر للحقائق على الأرض، وعمدت إلى تشويه المعطيات المتعلقة بالأزمة، في انحياز واضح للرواية والسردية الإسرائيلية المتكئة على مبدأ حق الدفاع عن النفس، مما كلف الطرف الآخر باهظ الأثمان.
وأشار القنوبي إلى أنَّ معظم وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية، تلجأ إلى تأطير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باعتباره حرباً من جانب واحد، متجاهلة بشكل فاضح وصارخ مجازر الاحتلال الإسرائيلي اليومية المرتكبة في حق الفلسطينيين.
يذكر أنَّ المنتدى شهد مشاركة عددٍ من الوزراء والقيادات الإعلامية الإسلامية والدولية، ونخبة من السفراء والشخصيات الدينية والفكرية والحقوقية وقادة المنظمات الدولية.
(انتهى)