شاب فلسطيني يقتني كنوزاً من الآثار.. 5 آلاف قطعة يعود عمر بعضها إلى ما قبل الميلاد

غزة (إينا) ـ التمسك بالتراث هو أحد أبرز أشكال الانتماء للهوية أو الوطن، حتى إن كان هذا التراث في مقتنيات بسيطة وصغيرة، وهذا ما أوحى لفتى لم يتجاوز الـ 11 عاماً بجمع القطع الأثرية من العملات النقدية القديمة وطوابع البريد، وكل ما هو قديم لتصبح هوايته، وفق تقريراً بثه موقع هافينغتون بوست. إذ بدأ الفتى الغزّي براء السوسي (20 عاماً) بجمع الآثار عندما كان في الصف الخامس الابتدائي، وذلك بعدما أوحى له صديقه امتلك عملة نقدية قديمة من العهد البيزنطي بتلك الفكرة؛ حيث أصبحت لديه الرغبة في جمع كل ما يتعلق بالآثار والطوابع البريدية الفلسطينية القديمة. يقول السوسي إنه كان يدخر من مصروفه اليومي لشراء أي قطعة من الباعة كبار السن حتى يضيفها إلى مجموعته الخاصة، ثم تطور الأمر حتى بات يبحث عن القطع الأثرية بشكل عام مهما كان نوعها. وبدأ الفتى بالبحث بنفسه عن القطع الأثرية في أرجاء قطاع غزة، إذ يقول كنت أذهب في رحلات بحثية للأماكن الأثرية الموجودة في قطاع غزة مثل دير القديس هيلاريون، وتل أم عامر في منطقة النصيرات وسط قطاع غزة، وتل رفح الأثري، وأبحث عن القطع بنفسي كي أضيفها إلى مجموعتي. وأضاف: جمع القطع النقدية والأثرية هواية رائعة أسعى من خلالها إلى الحفاظ على التراث والموروث الحضاري والثقافي، ما أقوم به تعبير عن غيرتي على وطني، فعندما رأيت إسرائيل تقوم بالتدمير والتخريب قررت أن أقوم بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من إرثنا الحضاري والتاريخي. جمع السوسي نحو 4600 قطعة أثرية حجرية ومعدنية مذ بدأ تلك الهواية قبل 9 أعوام، كما تعود بعض مقتنياته الأثرية لحضارات وعصور مختلفة، منها 4000 قطعة أثريّة تعود إلى العصور الحديثة ومعدّل عمرها يتجاوز 70 عاماً، بينما تعود 600 قطعة إلى العصور القديمة فيما يتراوح عمرها ما بين 1500 و3000، وبعضها يعود إلى ما قبل الميلاد. ويحتفظ الفتى الفلسطيني أيضاً بالعملات المعدنية والبرونزية، بالإضافة إلى عدد من مقابض وأيدي قطع فُخارية تعود لنحو 7 حضارات أكثرها الرومانية والبيزنطية، كما يحتفظ بمجموعة من الأدوات التي كانت تُستخدم بتلك العصور في البناء والمهن المختلفة مثل قطع من مادة الرصاص كانت تُطلى على القبور بالعهد الروماني، ومعالق من الفضة لنفس العهد، وإبرة حياكة جلود وملابس، وأدوات الصياد، وزنات، وقطع ذهبية كانت تلبسها النساء بذلك العهد، مثل الحلق والسلاسل والأساور. كذلك يحتفظ بتذكار للمستكشف الإنكليزي جيمس كوك، وبفوهات زجاجات عطرية ومائية وزيتية، وأسنان حيوانات، وحجارة كريمة، وعقود، وأواني أنتيكا من العصور الحديثة، يقارب عمرها 80 سنة، مثل (صحون، كاسات، معالق، تحف، ساعة حائط)، وهداية تذكار للجنيه الفلسطيني. كما يقتني عُملة أثينا المنقوش عليها (بومة)، وهي من العُملات النادرة، وقطع من حجارة فيروز، وعقيق، ومرجان، ولؤلؤ طبيعي، وتماثيل كنعانية، وقناع خشبي إفريقي، وتماثيل لقبائل إفريقية. هذا ويحتفظ بمستندات فلسطينية تاريخية خُطت بأكثر من لغة، تحت مسمى حكومة فلسطين، وطوابع تاريخية بالمئات، استخدمت في كثير من المعاملات خاصة في البريد، وكاميرات تصوير يعود تاريخها لنحو 50 سنة تقريباً. وليست كل الهوايات سهلة، إذ يواجه براء عدة معوقات، أبرزها عدم توافر المال لشراء تلك القطع، خاصة أن معظمها اشتراها بمبالغ متفاوتة، سوى القليل عثر عليه في مناطق أثرية كمنطقة شمال غرب غزة، كذلك يعاني من قلة الاهتمام لاحتضان متحفه من قبل الجهات المُختصة، ما جعله يضعها في صناديق ويحتفظ بها في خزاناته. ويُرهق براء نفسه في الاعتناء بمقتنياته، إذ إن بعض العملات القديمة يطالها الصدأ كونها قديمة للغاية، لذلك يستخدم أنواعاً خاصة من المنظفات غير المتوافرة في قطاع غزة لتنظيف قطع نقدية تعود إلى العهدين اليوناني والبيزنطي. ويطمح براء إلى أن يدرس في كلية الآثار خارج غزة، لكن رفض عائلته لتلك الفكرة اضطره لدراسة إدارة الأعمال نزولاً عند رغبتهم، فيما يحلم بأن يتمكن من إنشاء معرض دائم لمقتنياته الأثرية، يكون مقصداً لجميع الناس والمؤسسات من داخل وخارج قطاع غزة. ((انتهى))

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى