غزة (يونا/الأناضول) – يكابد الفلسطينيون مشاق شديدة لتوفير المياه الصالحة للشرب في كافة أنحاء قطاع غزة، بينما تزداد الحاجة إليها بشكل كبير مع ارتفاع درجات الحرارة.
وتزداد أزمة المياه في قطاع غزة عمقا يوما بعد يوم في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ويواجه نحو مليوني فلسطيني في القطاع الساحلي أزمة عطش نظرا لعدم توفر مياه الشرب جراء قرار اتخذته إسرائيل بداية الحرب بقطع إمدادات الكهرباء والمياه والوقود.
** تحديات كبيرة
وتعاني بلديات قطاع غزة تحديات كبيرة لضخ المياه من الآبار الجوفية إلى منازل الفلسطينيين بسبب نفاد الوقود واستهداف إسرائيل لمرافق المياه، وفق منسق اتحاد بلديات قطاع غزة حسني مهنا.
ويقول مهنا لمراسل الأناضول، إن “إسرائيل تتعمد ضمن حربها المدمرة ممارسة سياسة تجويع وتعطيش الفلسطينيين في مختلف أنحاء القطاع ولا سيما شمال غزة”.
ويشير إلى تقلص حصة الشخص الواحد من المياه شمال غزة إلى لترين يومياً بدلاً من 90 لتراً قبل الحرب الإسرائيلية، ما يفاقم معاناة المواطنين ولا سيما في شهر رمضان ومع ارتفاع درجات الحرارة.
ويحذر مهنا من تسارع أزمة الجوع والعطش في قطاع غزة، معربا عن تخوفه من ازدياد عدد الفلسطينيين الذين ستحصد هذه الأزمة أرواحهم.
** طوابير طويلة
ويتزاحم المواطنون على أماكن تعبئة المياه المالحة ومحطات التحلية التي لا تزال تعمل بالحد الأدنى، لتعبئة “غالونات” بلاستيكية بالكاد تفي باحتياجاتهم اليومية.
الفلسطينية سمر زريد النازحة من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة إلى مدينة رفح، تروي معاناتهم اليومية في تأمين كميات محدودة من المياه المالحة والعذبة.
وتبين زريد لمراسل الأناضول، أن الحصول على المياه العذبة يتطلب الوقوف في طوابير طويلة لساعات عديدة بدءًا من الصباح الباكر، حتى يتمكن الفرد من تعبئة “غالون” واحد، إن نجح في ذلك.
وتقول: “إن لم ننجح في تعبئة غالون المياه نضطر إلى شراء زجاجة مياه معدنية سعتها 1.5 لتر أو زجاجتين لأفراد العائلة جميعًا بسعر مرتفع يصل إلى 5 دولارات بدل أقل من ربع دولار بالظروف الطبيعية، ونقلل شرب المياه إلى حين المحاولة في اليوم التالي”.
وتبين زريد المصابة بمرض السرطان أن المعاناة لا تقتصر على مياه الشرب فحسب بل حتى الحصول على المياه الخاصة بالاستحمام وغسل الأواني يتطلب جهدًا ووقتًا طويلاً.
وتؤكد أن المياه أصبحت أكثر أهمية من الطعام في هذه الأيام، وأنهم يصلون إليها بكميات محدودة للغاية منذ مدة طويلة.
وتشير وهي تبكي بحرقة أثناء حديثها، إلى حاجة النازحين وعائلتها كذلك إلى الطعام والمياه والغاز في ظل هذه الظروف الصعبة.
** تقليل الاستهلاك
ولم تتمكن الفلسطينية سناء عبيد، النازحة من شمالي غزة إلى مدينة رفح من غسل الصحون أو الاستحمام، بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى المياه وتعبئة أي كميات.
وتقول عبيد لمراسل الأناضول: “نعاني أزمة حقيقية في الحصول على مياه الشرب والمالحة، وليستا متوفرتين دائما”.
وتضيف: “حتى عند دخول الحمام نجد صعوبة بسبب قلة المياه حتى إذا أردنا الاستحمام نحن والأطفال نعاني كثيرًا”.
وتشتكي عبيد عدم قدرتها على الوصول إلى مياه الشرب في ظل أزمة نقص الغذاء التي يعانون منها، ما يعني عدم قدرتها على طهي الطعام اللازم لأسرتها.
وتشير إلى أنهم مضطرون إلى ترشيد استهلاك المياه بسبب النقص الحاد في الكميات التي يحصلون عليها، واصفةً الظروف التي يعيشونها بأنها صعبة جدًا.
وفي 18 مارس/ آذار الجاري، قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، إن إسرائيل تستخدم الجوع سلاحا من خلال منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
وتقيّد إسرائيل، منتهكةً القوانين الدولية، وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ولا سيما برا، ما تسبب في شح إمدادات الغذاء والدواء والوقود وأوجد مجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين في القطاع الذي تحاصره منذ 17 عاما، ويسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني في أوضاع كارثية.
وتواجه إسرائيل اتهامات فلسطينية ودولية باستخدام التجويع سلاحًا في غزة، بما يرقى إلى مستوى “جريمة حرب”، وتدعوها الأمم المتحدة إلى فتح المعابر البرية لإغراق القطاع بمساعدات إنسانية قبل أن تلتهم المجاعة مزيدا من سكانه.
(انتهى)