منظمة التعاون الإسلامي

تنفيذية “التعاون الإسلامي” تحث حكومة تصريف الأعمال الأفغانية على التراجع عن قرار حرمان النساء الأفغانيات من التعليم

جدة (يونا) – حث الاجتماع الاستثنائي للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي حكومة تصريف الأعمال الأفغانية على التراجع عن قرارها بشأن منع الفتيات الأفغانيات من حق التعليم.
 ويأتي الاجتماع، الذي عقدت أعماله الأربعاء في مقر الأمانة العامة للمنظمة بجدة، لمناقشة التطورات الأخيرة والأوضاع الإنسانية في أفغانستان تلبية لدعوة مشتركة من كل من المملكة العربية السعودية رئيس القمة الإسلامية الحالية رئيس اللجنة التنفيذية، ومن الجمهورية التركية وجمهورية غامبيا.
وأكدت اللجنة التنفيذية في بيانها الختامي أنَّ التعليم حق من حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأفراد كافة وذلك استناداً إلى مبدأ تكافؤ الفرص وبشكل غير تمييزي وعدم حرمانهم من هذا الحق.
وأعربت عن خيبة أملها إزاء تعليق تعليم النساء والفتيات في أفغانستان، وإزاء القرار الذي يفرض على جميع الهيئات الوطنية والدولية غير الحكومية تعليق عمل النساء حتى إشعار آخر.
وحثت سلطات الأمر الواقع الأفغانية على الالتزام بالمبادئ والمقاصد الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي، وعلى احترام التزاماتها بموجب المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بما في ذلك التزاماتها بموجب العهود الدولية لحقوق الإنسان، ولا سيما فيما يتعلق بحقوق النساء والأطفال والشباب والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.
ودعت سلطات الأمر الواقع الأفغانية إلى العمل على إعادة فتح المدارس والجامعات للفتيات وتمكينهن من الالتحاق بجميع مراحل التعليم وجميع التخصُّصات التي يحتاج إليها الشعب الأفغاني، مؤكدة على ضرورة حماية الحقوق الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة والأمن والكرامة والحق في التعليم، لجميع النساء والفتيات الأفغانيات، بما يتوافق مع القيم الإسلامية والمعايير العالمية لحقوق الإنسان.
وحذرت اللجنة التنفيذية من انقطاع تقديم المعونة الإنسانية الميدانية ومن عدم إعاقة المساعدات الإنسانية الدولية والخدمات التربوية والصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية الأخرى للشعب الأفغاني بسبب نقص أعداد الموظفات.
وفي مستهل اجتماع اللجنة، أعرب المندوب السعودي الدائم لدى المنظمة الدكتور صالح السحيباني خلال إلقائه كلمة المملكة العربية السعودية عن استغراب المملكة وأسفها الشديدين لقرار حكومة تصريف الأعمال الأفغانية بمنع الفتيات الأفغانيات من حق التعليم، مؤكداً أن المملكة تدعو في ذات الصدد إلى التراجع عن هذا القرار الذي يثير الاستغراب في جميع الدول الإسلامية، حيث يتنافى ذلك مع إعطاء المرأة الأفغانية حقوقها الشرعية.
 وأكد السحيباني أنَّ حرمان المرأة الأفغانية من حقوقها الشرعية قد يؤدي إلى استمرار الهجرات الجماعية للمتعلمين الأفغان والمتعلمات مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، مجدداً طلب المملكة لحكومة تصريف الأعمال الأفغانية نحو تمكين المرأة الأفغانية من حق التعليم، مما يسهم بدوره في دعم الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار لأفغانستان وشعبها الشقيق؛ فالنصوص الشرعية التي تحث على التعلم والمرغبة فيه تتجه للمرأة والرجل على حد سواء.
وأشار في الكلمة إلى إنصاف ديننا الإسلامي الحنيف وتكريمه للمرأة، فنعمت في ظله بحقوقها كاملة، وجعل تعليمها حقًا راسخًا لها، بل ومن الواجبات والضرورات الحضارية التي لا ينبغي التخلي عنها أو حرمانها منه.
وحملت الكلمة تجديد التأكيد على أن المملكة العربية السعودية وبتوجيهات كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده تواصل التزامها في دعم جهود منظمة التعاون الإسلامي الحثيثة تجاه أفغانستان، حيث بادرت المملكة في تنفيذ العديد من القرارات ذات الصلة الصادرة من لدن المجلس الوزاري لوزراء خارجية الدول الإسلامية الصادرة عن الاجتماع الاستثنائي للمجلس بشأن مناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان والذي عقد بدعوة المملكة وباستضافة جمهورية باكستان الإسلامية في ديسمبر من العام ٢٠٢١م.
وكشف “السحيباني” عبر كلمته عن أهم القرارات بشأن الوضع في أفغانستان ومنها قرار دعم الصندوق الائتماني لأفغانستان والذي يعمل تحت مظلة البنك الإسلامي للتنمية وبالتنسيق والتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، حيث قدمت المملكة تبرعًا سخيًا للصندوق بأكثر من ١١٠ مليون ريال سعودي، إلى جانب ما قدمته من دعم لمهمة المبعوث الخاص لأفغانستان، ولمكتب المنظمة في كابل عبر الأمانة العامة؛ تحقيقًا لقرارات المجلس الوزاري في دورته الثامنة والأربعين التي عقدت في باكستان في شهر مارس الماضي.
 كما أوضح أن المملكة قد نفذت في وقت سابق العديد من المشاريع الإغاثية بأفغانستان عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وذلك بمبلغ يربو على ٢٦٠ مليون دولار أمريكي، كما كانت قد سيرت جسرًا جويًا وبريًا إلى أفغانستان، هذا إلى جانب ما قدم من دعم وتبرعات سخية سابقة خلال العقود الماضية.
وأضاف “السحيباني” أن كل ذلك يأتي استكمالاً لجهود المملكة الإنسانية والإغاثية، واستمرارًا لمسيرة التضامن التي تنتهجها المملكة تجاه الشعوب الإسلامية والتي يصعب تحديد بوصلتها؛ لأنها تنطق خيرًا ودعمًا في كل الاتجاهات، وذلك حرصًا على تخفيف معاناة الشعب الأفغاني الشقيق، والحد من مخاطر تدهور الوضع الإنساني الحرج في أفغانستان والذي قد يؤثر على السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.
وعبر “السحيباني” عن تطلعات المملكة لتكامل الجهود في هذا الصدد وتشجيعها لكل المبادرات التي تقدمها الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية القادرة إلى الانضمام للمساهمة في هذا الصندوق الائتماني الإنساني لأفغانستان، وإلى تقديم مزيد من الدعم والمساندة للشعب الافغاني الشقيق لاسيما في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها حاليًا، مثمنة في الوقت نفسه الدعم الكريم الذي قدمته مشكورة ثلة من الدول الأعضاء لهذا الصندوق الائتماني الذي يؤكد اتفاقنا جميعاً بأن تقديم الدعم الإغاثي وسرعة الاستجابة الإنسانية للشعب الأفغاني أمر يتطلب الوقوف معه؛ لتفادي أي كوارث إنسانية خطيرة تجلب المعاناة والألآم لهذا الشعب الشقيق.
من جانبه، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، أن الأمانة العامة تسعى بالتنسيق مع مجمع الفقه الإسلامي الدولي لإيفاد فريق ثان من العلماء إلى أفغانستان لمواصلة الحوار مع سلطة الأمر الواقع حول حرمان الفتيات والنساء الأفغانيات من حقوقهن الأساسية في التعليم والتوظيف والعدالة الاجتماعية والتي تشكل أولية كبيرة للعالم الإسلامي.
وشدد الأمين العام في كلمته على أن المنظمة ظلت تتابع بانشغال عميق تطورات الأحداث المؤسفة في أفغانستان، مشيرا إلى “أننا نقلنا من خلال مبعوثي الخاص رسائل لسلطة الأمر الواقع أكدنا فيها على أهمية وفاء الحكومة بوعودها السابقة بفتح المدارس للبنات في ضوء الأسس المتينة والواضحة في الدين الإسلامي الحنيف التي تحث على ذلك، وأن حل هذ الموضوع سيفتح الباب واسعا امام المزيد من التعاون البناء بين الحكومة والدول الأعضاء والانفتاح على العالم”.
وفيما يتعلق بقرار سلطة الأمر الواقع في أفغانستان تعليق عمل الموظفات في المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، أكد الأمين العام أن ذلك سيؤثر على العمليات الإنسانية وعمليات الإغاثة التي تقوم بها شبكة واسعة من المنظمات غير الحكومية ويضر بمصالح الشعب الأفغاني. وجدد السيد حسين طه في هذا السياق دعوته لسلطة الأمر الواقع إلى إعادة النظر في هذا القرار من أجل الإدماج الاجتماعي للمرأة والاستمرارية غير المنقطعة لمهام الشبكة الدولية للأمان الإنساني في أفغانستان.
وثمن الأمين العام البيانات الصادرة عن الدول الأعضاء ومجمع الفقه الإسلامي الدولي ومنظمة تنمية المرأة والهيئة الدائمة لحقوق الانسان والأزهر الشريف وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ورابطة العالم الإسلامي، والتي أكدت على موقف الشريعة الإسلامية من ضرورة تعليم وعمل المرأة ومشاركتها في الحياة العامة.
وأكد الأمين العام أن المنظمة ستظل ملتزمة من خلال جهود المبعوث الخاص بالحوار الإيجابي مع سلطة الأمر الواقع في أفغانستان، وذلك في إطار الولاية الممنوحة له من مجلس وزراء الخارجية بالتركيز على قضايا تعليم البنات ومشاركة المرأة في الحياة العامة ومكافحة الإرهاب والحكومة الشاملة في أفغانستان.
(انتهى)

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى