الثقافة والفنون

أطباق غذائية وافدة تغزو المائدة الرمضانية الموريتانية

نواكشوط (إينا) – مع اقتراب شهر رمضان تنتشر بمختلف أنحاء العاصمة الموريتانية نواكشوط، اللوحات الدعائية التي تروج لجديد وجبات الإفطار، فيما تصل الاستعدادات لاستقبال الوافد الكريم ذروتها على مستوى محلات صناعة الحلويات ومطاعم إعداد الوجبات الرمضانية. أمام مطعمه الواقع على مفترق طرق بحي عرفات (وسط نواكشوط)، يجتهد الشاب المغربي وليد في تزيين محله لإضفاء رونق جديد يمكنه من عرض الحلويات والأطعمة بشكل جذاب يشد انتباه الموريتانيين الذين تعودوا منذ افتتاح المطعم سنة 2008م التوافد ساعات المساء لشراء أنواع مختلفة من الحلويات وغيرها من أطباق المطبخ المغربي، التي يجدون فيها خير مُعين على الإفطار بعد يوم طويل من الصيام. وفيما لا يهتم وليد كثيرا بأسباب اختيار الموريتانيين لوجبات إفطار غير تقليدية، وتركيزهم في طلباتهم على الوجبات والحلويات الرمضانية الجديدة، بقدر ما يبدي حسرته تجاه انصراف بعض مرتادي المطعم لجلب بعض أنواع الحلويات من الخارج. تصرف يعيده البعض ممن استطلعت وكالة الأنباء الإسلامية الدولية إينا آراءهم، إلى التطلع الدائم لدى ربات الأسر في رمضان لكسر الروتين الغذائي كل سنة، ومحاولة إضافة الجديد حتى ولو تطلب ذلك جلب الحلويات جاهزة من الخارج، فيما يرده بعض آخر إلى رغبة الموريتانيين في ممارسة عادة التوسعة على العيال خلال شهر الصوم، وتوفير ما لذّ من الطعام حتى ولو أدى ذلك إلى تحمل مصاريف إضافية. أطباق تناسب الطبيعة الجافة قديما انعكست البيئة الصحراوية التي يعيش فيها المجتمع الموريتاني على تكوين الوجبة الرمضانية فطغت عليها السوائل لكي يتمكن الجسم من مقاومة العطش في بيئة حارة كهذه. وشكل الحساء المعروف محليا بـالنشا المكون من دقيق الحبوب، وازريق الذي هو خليط بين اللبن الرائب والماء، وأطاجين المكون من اللحم والبطاطس، والكسكس، وكوسي وهو عبارة عن الأرز المسلوق في الماء، أهم عناصر الوجبة الرمضانية التقليدية، إلى أن دخلت فنون الطهي العصرية إلى المطابخ الموريتانية، لتنطلق الثورة الغذائية في رمضان. ومع كل إطلالة لشهر رمضان في موريتانيا تتجه الأنظار إلى المطبخ، لاكتشاف جديد الأطباق الرمضانية في وقت أصبحت فيه العادات الغذائية الدخيلة مصدر ثراء وتنوع للوجبة الرمضانية، ووسيلة مهمة لمساعدة الصائمين على تأدية هذا النسك في ظروف نفسية أحسن. ويجد اهتمام الموريتانيين بموضوع الوجبة الرمضانية مبررة في كونها أصبحت تحاكي الأنماط الغذائية للمجتمعات الأخرى، بعد أن ظلت في السابق مقتصرة على عناصر مصدرها الحبوب واللحم واللبن في خضوع كامل لروتين العادات الغذائية القائمة على المتوفر من المواد. وفيما لم تستطع الثورة الغذائية للمائدة الرمضانية القضاء على العناصر التقليدية التي كانت تعتمد عليها الوجبة، فقد أضافت إليها الجديد، وظل أطاجين سيد الأطباق لاعتماده على اللحوم الحمراء التي تحتل مكانة كبيرة لدى الموريتانيين. وتعتبر الحلويات أهم العناصر الوافدة على المائدة الرمضانية، ومن بينها أساسا أشكال الحلويات المغربية المطعمة بالسكريات والسوائل، مثل الشباكية والحساء المعد من الخضار أو ما يسمى محليا سوب الذي هو أيضا وافد جديد على المائدة الرمضانية، ومثله أيضا وفدت الحريرة المغربية. كما دخلت أيضا العصائر والفواكه في تكوين المائدة الرمضانية، لتحجز هي الأخرى مكانتها بين اهتمامات وأذواق الصائمين المتلهفين لكل ما يسد رمقهم ويعينهم على الاستمرار في الصوم ليوم كامل. ظاهرة تغير الأنماط الغذائية تجد ظاهرة تغير الأنماط الغذائية للموريتانيين في رمضان تفسيرها لدى خبراء علم الاجتماع، حيث يقول الباحث الموريتاني في علم الاجتماع الدكتور محمد محمود ولد سيدي يحيى: ليس غريبا أن تتغير العادات الغذائية للموريتانيين في رمضان، وحتى في حياتهم عموما، والسبب في ذلك هو استقرارهم بالمدن، وانفتاحهم على العالم، حيث بدأ التأثر بالعادات الغذائية للبلدان المجاورة الأكثر تحضرا يتسرب إليهم شيئا فشيئا. ويضيف: إن أكثر العادات الغذائية التي تأثر بها الموريتانيون جاءت من إخوانهم السنغاليين والمغاربة، مثل وجبات الأرز بالسمك وشربات الحريرة المغربية، فيما يرى أن الفضائيات وبرامجها المتنوعة خلقت تأثيرا كبيرا على بعض العادات الغذائية للموريتانيين الذين يدمنون مشاهدتها. وهكذا سنة بعد أخرى يفرض شهر رمضان عادات غذائية جديدة، تدفع الشارع الموريتاني إلى محاكاة ما يحدث في المجتمعات الإسلامية الشرقية بدءا بصناعة الوجبة الرمضانية، مرورا بالتعود عليها وانتهاء بإضافتها إلى القائمة. المختار النافع / ص ج/ ح ص

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى