الثقافة والفنون

تعاطي القات في جيبوتي: عادة بدأت تتلاشى

جيبوتي (إينا) – تكتظ المطاعم الشعبية بوسط جيبوتي العاصمة، عصر كل يوم، بالعشرات من الشباب والشيوخ الذين أقلعوا عن تعاطي القات، لأسباب تختلف من شخص لآخر. وتمثل هذه المطاعم ملتقى مهما لهذه الشريحة، التي تضم نخبة من المثقفين والأعيان، لتبادل أطراف الحديث حول المستجدات في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقضاء وقت الفراغ بعيدا عن مبارز القات. وأشار الإعلامي طارق المريري، في حديث خاص لوكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا)، إلى أن القات، والذي تستورده جيبوتي من إثيوبيا المجاورة، بمبالغ كبيرة، أضحى عادة أسرية تستنفد قسطا مهما من ميزانية العائلة، وبخاصة لدى المتعاطين له من البسطاء وذوي الدخل المتوسط، موضحا أن ذلك ينعكس سلبا على احتياجات الأسرة ومتطلباتها اليومية. ويتفاوت سعر الرزمة الواحدة للقات ما بين دولارين إلى مائة دولار، نظرا لاختلاف الجودة والوزن، لكن السواد الأعظم من الجيبوتيين يستهلكون ما قيمته عشر دولارات تقريبا. – تجربة مريرة من جهته، قال المقاول إبراهيم عبد الله (55 عاما) لـإينا، إنه امتنع عن تعاطي نبتة القات منذ سنوات، بعد تجربة مريرة امتدت لأكثر من عقدين خسر خلالها الصحة والمال والوقت، حسب تعبيره. وأشار عبد الله إلى أن الإقلاع عن تعاطي القات ليس بالأمر الهين، وأن ذلك يتطلب إرادة قوية وعزيمة صادقة، موضحا أن العديد من الشباب يعودون إلى تعاطيه من جديد بعد مرور فترة وجيزة من التوقف عن تناوله. من ناحيته، نبه الأكاديمي عبد الرحمن أحمد، في تصريح لـإينا، إلى أن نسبة كبيرة من الشباب الجيبوتي قرروا التوقف عن تناول شجرة القات بشكل نهائي، بينما لجأ آخرون إلى تناوله في يومين في الأسبوع أو في المناسبات فقط، نظرا للغلاء المعيشي وزيادة ضغوط الحياة المعاصرة. ويرى أحمد أن العديد من الشباب المتعلمين (30 في المائة تقريبا) أدركوا بالفعل أنه ليس في مضغ القات حلا للمشكلات التي يعانون منها، ولا تخفيفا لآلامهم، كما يزعم البعض، بل إنه يزيد المشاكل والهموم اليومية، ويسبب القلق النفسي. – مصدر رزق وعلى الرغم من أضراره الجسيمة بحسب الأطباء، إلا أن تجارة القات تمثل مصدر رزق مهم لعدد هائل من الأسر الجيبوتية، كما يرتبط القات بشكل كبير بالمناسبات والأفراح، كالأعياد وحفلات العرس التي لا تتم إلا به. وتمارس مئات من النسوة، فتيات وسيدات، مهنة بيع القات في الطرق وشوارع العاصمة وحواضر الأقاليم، لإعالة أو مساعدة عائلاتهن، ومجابهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة. وتقول خديجة عمر التي تمتهن بيع القات لأكثر من عقدين، في حديث خاص لـ(إينا)، إن الإقبال على شراء القات شهد تراجعا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وأن هذه التجارة لم تعد رائجة كما كان عليه الحال قبل عدة سنوات. وترى خديجة أن من أبرز العوامل المؤدية إلى ذلك، انتشار التعليم بشكل كبير، وزيادة الوعي المجتمعي حول المشكلات الاجتماعية المرتبطة بالقات، وبخاصة الخلافات الأسرية التي تنتهي في أحايين كثيرة بالطلاق وانهيار الأسرة. – ضعف في الإقبال أما فاطمة أحمد فأوضحت لـإينا، إنها اضطرت إلى ترك تجارة القات جراء ضعف الإقبال عليه، خاصة من قبل الشباب، نظرا لارتفاع التكاليف المعيشية، والأزمات الاقتصادية العالمية. يذكر أن العديد من متناولي القات في جيبوتي يسعون للإقلاع عن مضغه، لكن تعوزهم الوسيلة الفعالة التي تمكنهم من التخلص من هذه العادة السيئة بحسب الأطباء. (انتهى) محمد عبد الله / ص ج

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى