لشبونه ( يونا ) – انطلقت اليوم أعمال منتدى الحوار العالمي الذينظمه مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديانوالثقافات “كايسيد” في لشبونة، ويستمر لمدة يومين، بمشاركةقيادات دينية ورؤساء دول حاليُّون وسابقون وقادة الأمم المتحدةوممثلو المجتمع المدني ووفود شبابية.
واستمع المشاركون في الجلسة العامة الافتتاحية للمنتدى إلىالخطابات التي أكدت أن العالم يواجه تحديات تتجاوز بكثير قدرة أيدولة على إدارتها وتتخطى حدود الآليات التقليدية للتعاون الدولي وأنتحقيق جداول أعمال التنمية العالمية، مثل جدول أعمال الأممالمتحدة لعام 2030، يتطلب الإرادة السياسية والاستثمار الماليوإحداث تحول في قلوب الأفراد وعقولهم والمجتمعات في شتى أنحاءالعالم.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور صالح بن حميد في كلمتهبالمنتدى: “عبر الحوار وبالحوار نمد أيدينا للتعاون بين كل القوىالفاعلة من أجل تحقيق الأهداف النبيلة، إيماناً بقوة العمل والشراكةالحقيقية على الرغم من تنوعنا الثقافي والديني، لنبني السلام المنشودونحافظ على كرامة الإنسان في كل بقاع العالم”، لافتاً إلى أن الحوارالحقيقي يمكن أن يبني شراكات وتحالفات متينة، ويوحد أصواتاًمتعددة من مختلف أنحاء العالم، ويوجهها نحو التزام مشترك، بتعزيزالسلام والتضامن من أجل إعلاء القيم الإنسانية والحق بالعيش الكريملكل الناس بسلام.
وأضاف أن الحوار أصبح ركيزة أساسية وضرورية لتحقيق السلام العادلوالشامل، وترسيخ القيم الأخلاقية في المجتمعات كلها، وتعزيز ثقافةالحوار ومبادئه يعد خطوة أساسية نحو تحصينها من التطرفوالكراهية، مشيراً إلى أن الدين الإسلامي يقوم على مبدأ العدلوالمساواة بين الناس، ويدعو إلى التسامح والاعتدال والتفاهم بينالشعوب والدول.
وفي كلمته سلط الرئيس النمساوي السابق هاينز فيشر ،الضوء علىأهمية الحوار في سياق متحول على خلفية النزاعات العنيفة الحالية،ومنها الحروب في أوكرانيا وغزة. وقال فيشر: “يكتسي الحوار في سياقمتحول أهمية خاصة في وقت نشهد فيه مواقف مأساوية ومفجعة فيجميع أنحاء العالم. ولهذا، ينبغي لنا أن نتحد جميعًا –سياسيينوقيادات دينية وأشخاص عاديين– في العمل من أجل السلام وحقوقالإنسان والمساواة».
ومن جهته شدد وزير خارجية البرتغال السابق والرئيس الخامس عشرلجمعية الجمهورية اوغستو سانتوس سيلفا ، في كلمته أيضًا على الدورالحاسم للحوار في الشؤون العالمية الحالية قائلاً «في أوقاتالاضطرابات الاجتماعية والاستقطاب السياسي والصراعات المسلحةفي أجزاء كثيرة من العالم، علينا أن نبذل قصارى جهدنا لإعادة بناءالثقة وتعزيز التواصل والحوار بين مختلف المناطق والثقافاتوالحضارات، وينبغي أن يكون أساس هذا الحوار هو الالتزام الواضحبحقيقة أن اختلافاتنا تثري العالم، والعالم هو مسؤوليتنا المشتركة» .
وتطرق المنتدى إلى المد المتصاعد للتطرف والصراعات العنيفة،والحاجة إلى دعم حقوق الإنسان وكرامته، والدور المهم الذي يضطلعبه الحوار بين أتباع الأديان في التصدي لهذه التحديات، إذ يُنظر إلىالقيادات الدينية، المعترف بها لسلطتها وللثقة بها داخل المجتمعات،على أنها شخصيات رئيسة في سد الفجوات التي تغذي مثل هذهالصراعات.
كما تحدث مفتي الديار المصرية فضيلة الدكتور شوقي إبراهيم عبدالكريم علَّام، عن حتمية الحوار في المجتمع المعاصر مؤكدا «إنمسؤوليتنا عن تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات ليست مجردالتزام أخلاقي، بل إنها ضرورة ملحة لضمان وحدة نسيج المجتمعالإنساني وإنقاذ الأجيال المقبلة من الوقوع في براثن التطرف والكراهيةوالعنف والتعصب».
وأشار المتحدثون إلى أن التحالفات التي تحققت بشق الأنفس والتيترمي إلى دعم السلام تتعرض لضغوط كبيرة، إذ يكافح الشركاءالعلمانيون والدينيون على حد سواء من أجل إبقاء القيادات العالميةملتزمة بمبادئ حقوق الإنسان المتفق عليها.
واستمع المشاركون في المنتدى إلى الكلمات التي بيَّنت أن الحوار يمكنأن يخفف من حدة العديد من التهديدات للسلام الدائم، ومن ضمنهاالمظالم التي لم تُحل بعدُ والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان،وبخاصة تلك التي تتعرض لها الأقليات. وإلى جانب التوسط فيالنزاعات، يساعد الحوار أيضًا المجتمعات المتضررة من انعدام الثقةوالاستقطاب على مواجهة تحديات مثل تغير المناخ وانعدام الأمنالغذائي وعدم المساواة المجتمعية وإدماج اللاجئين في المجتمعاتالمضيفة.
وتشمل نتائج المنتدى العالمي خطة شاملة لمعالجة قضايا السلامالعالمي والتماسك الاجتماعي ووضع خطط عمل لإعطاء الأولوية للحوارمن أجل التنمية الشاملة ووضع برامج مشتركة ترمي إلى تعزيز تنفيذمبادرات الحوار حيثما تمس الحاجة إليها.
وإلى جانب ذلك، سيُطلب إلى المشاركين دعم حتمية الحوار في سياقمتحول، وهو التزام أخلاقي واسع النطاق يرمي إلى تعزيز الحواروتوسيعه بالسياسات والممارسات في جميع أنحاء العالم. وتشملالالتزامات تنمية القدرات والمساعدة التقنية والموارد الأخرى لصقلمهارات الحوار داخل المنظمات،
ومجالات التركيز التعليم وبناء السلام بقيادة المرأة وحماية البيئة.
انتهى